يعقد مجلس الوزراء جلسة له اليوم هي الاولى بعد نيله الثقة من مجلس النواب، وستكون طبعاً برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وبغض النظر عن القرارات التي ستصدر عن الجلسة ومنها ما بات متوقعاً على غرار اقالة مدير عام هيئة "اوجيرو" عبد المنعم يوسف من منصبه وتعيين عماد كريدية خلفاً له، فإن الكلام بدأ بشكل جدي حول عدم انعقاد مجلس الوزراء في غياب الرئيس عون. ومن المعلوم ان رئيس الجمهورية سيقوم بزيارة الى السعودية وقطر يوم الاثنين المقبل، وسيغيب بالتالي نحو اربعة ايام قبل ان يعود الى لبنان، وخلال هذه الايام سيكون قد حان موعد انعقاد الجلسة الدورية الاسبوعية لمجلس الوزراء، حيث يؤكد العديد من المتابعين والمصادر انها لن تعقد بسبب عدم وجود رئيس الجمهورية.

وفي حال تحوّل هذا الكلام الى واقع، وهو المرجّح، فإن هذا يعني ان عون سيسير على النهج الذي اتبعه اسلافه، خصوصاً وانه في المرحلة الاولى من عهده لن "يخاطر" بعدم ترؤسه جلسات مجلس الوزراء التي ينتظرها الجميع لمعرفة الطريق الذي سيسلكه العهد ان من ناحية الاصلاح او محاربة الفساد او التعيينات او غيرها من المواضيع الحياتية. وهذا الامر هو سلاح ذو حدين بالنسبة الى رئيس الجمهورية، لانه وان كان سيزيد ثقة الناس به من خلال خطوات عملية، لكنه قد يُبعد الناس عنه في حال حصول العكس اي بمعنى آخر في حال لم تتطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر، واستهلك العهد الجديد رصيده بطريقة سريعة، ان بفعل عدم القدرة على احداث صدمة ايجابية في التعيينات ومحاربة الفساد واراحة الناس من جزء من هموم الحياة اليومية، او من خلال عدم التوصل الى قانون انتخاب عصري يرضي طموح الشريحة الكبرى من المواطنين، الذين يعوّلون على قانون غير مثالي ولكنه يصلح ليكون حجر الاساس لبناء صرح القانون الانتخابي الموعود.

وفي خضم هذا وذاك، يبقى السؤال عن المقر المخصص لمجلس الوزراء في المتحف وعن الموعد الذي لن يبقى فيه "مهجوراً". فخلال عهد الرئيس السابق اميل لحود، شهد المقر الخاص في المتحف حركة ونشاطاً بارزين وكانت المرة الاولى التي تعقد فيها الحكومة جلساتها فيه تنفيذاً لما نصت عليه المادة 65 من الدستور اللبناني وفيها: "يجتمع مجلس الوزراء دورياً في مقر خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر".

وكانت جرت محاولة لاعادة تأهيله في العام 2012، وقال في حينه الوزير سمير مقبل ان "الخرائط جاهزة لاعادة التأهيل وهي بحوزة وزارة الأشغال والتنفيذ ينتظر دفتر الشروط في الوزارة". ولكن منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، بقي هذا الكلام حبراً على ورق. ومن المعروف ان انعقاد مجلس الوزراء في مقره الخاص قد توقف بسبب الحالة الامنية التي عاشها لبنان منذ العام 2005 وما تبعه من عدم استقرار امني وموجة الاغتيالات، وبقيت الامور على حالها في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان الذي ابقى على ترؤسه للجلسات التي يحضرها في قصر بعبدا، فيما عقدت الجلسات في غيابه برئاسة رئيس الحكومة في السراي الكبير.

ومع استمرار الوضع الامني على حاله، من شبه المؤكد ان مقر مجلس الوزراء في المتحف سيبقى للتاريخ وقد ينضم الى عداد "المتحف الوطني"، وان الجلسات ستقام في قصر بعبدا وفي السراي الكبير (عندما تدعو الحاجة)، حتى نهاية هذا العهد، مالم يطرأ ما قد ينسف هذا المفهوم، وهو امر لا يبدو انه يلوح في الافق ان في المدى المنظور او في المدى غير المنظور.

مجلس الوزراء اذاً سيكون "يتيما" في غياب عون، وسيبقى "مهجوراً" طوال فترة العهد، على امل ان تنتهي المشاكل في المنطقة ما ينعكس ايجاباً على لبنان، ويجعل من "رفع الحظر" الامني على انعقاد جلسات مجلس الوزراء في مقره الخاص واقعاً ملموساً وليس مجرد كلام خال من اي جدية.