يؤكد مقربون من "حزب الله" أن حزب "​القوات اللبنانية​" حاول ولا يزال عبر شخصيات محسوبة مباشرة عليه، كما عبر وسطاء فتح قنوات اتصال مع حارة حريك، دفعا لحوار بين الحزبين يتم تتويجه بلقاء يجمع أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله برئيس "القوات" ​سمير جعجع​. الا أن قيادة الحزب لا تزال مترددة بملاقاة الطرف الآخر في منتصف الطريق لاعتبارات عدّة، علما أنّها أوشكت على اتخاذ قرار بالتقدّم خطوات صغيرة في هذا الاتجاه.

ولعل أبرز ما يجعل الحزب يحسب ألف حساب لإتمام مصالحة مع جعجع هو وقوفه عند خاطر حلفاء له أبرزهم رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ وآل كرامي، الذين لم يتخطوا بعض محطات تاريخية دمويّة، حتى ولو كان الزعيم الزغرتاوي قد أبدى ليونة في السنوات الماضية لم يُلحظ منها شيئا لدى العائلة الطرابلسيّة العريقة المذكورة. وبحسب المصادر فان السبب الثاني للتردّد، فهو موقف جعجع السابق من اسرائيل بالرغم من اقتناع الحزب بتغيّره وبجهوزية جعجع للخروج لإعلانه مرارا وتكرارا لهدم الحائط الذي لا يزال يفصل بين جمهوري "القوات" و"حزب الله". وتقول المصادر في هذا السياق: "لطالما كانت قيادة الحزب حريصة على جمهورها الذي لم يتقبّل بعد جعجع تمامًا، ما يستدعي القيام بخطوات صغيرة لملاقاته عند منتصف الطريق ما يُسهم بتقريب الجماهير بعضها من بعض واقناع جمهور "حزب الله" بأن ما فات قد ولّى مع انتهاء الحرب اللبنانيّة". أما السبب الثالث لعدم استعجال الحزب للمصالحة، فهو اقتناعه بأنّه بذلك يثبّت جعجع زعيما ثانيا للمسيحيين بعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ما يمهّد لجعله في المستقبل زعيما أول، وبالتالي يعطيه الحق بطرح نفسه مرشحا يخلف عون في رئاسة الجمهورية، وهو أمر لا يمكن لقيادة الحزب التعاطي معه بأيّ شكل من الاشكال.

وليس من المستبعد أن يكون الرئيس عون قد دخل على الخط لاتمام هذه المصالحة، باعتبار ان ليونة ما بدأت تظهر في موقف قيادة الحزب التي لا يتررد مقربون منها بالقول: "فلنبدأ باتصال فلقاء ومن ثم مصالحة، على ألاّ نستعجل الامور ونحرق المراحل".

وتشير المصادر الى ان الحزب يعتمد في أي علاقة مستقبلية مع جعجع مقاربة الرئيس عون لعلاقته السابقة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، من منطلق أنّه "حليف الحليف" وبالتالي التقرّب منه او الانفتاح عليه أمر توجبه علاقتهما بعون.

لكن الأمور لا تبدو بالسهولة التي يتصورها البعض، لا سيّما اذا ما أصر حزب "القوات اللبنانية" على وضع بند سلاح "حزب الله" كبند أساسيّ على جدول أعمال الحوار بين الفريقين، على اعتبار ان الحزب لن يتردد حينها بقلب الطاولة على كل الوساطات والجهود التي تبذل لتقريب وجهات النظر بينهما. وهنا تقول المصادر: "هل يقبل الحزب بمحاورة جعجع عن مصير سلاحه وهو يرفض حاليا الحوار الوطني حول هذا الملف في ظل الظروف الراهنة"؟.

بالمحصّلة، تشير كل المعطيات الى أن جديدًا ما سيطرأ على خط معراب-حارة حريك حتى ولو لم يكن بالقريب العاجل، لكن السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه يبقى حول الهدف من لقاء ونقاش قد يحاصره الفشل من كل اتجاه. فهل انتفت الاسباب التي قاطع من أجلها جعجع الحوار الوطني ومن بعده حكومة تمام سلام السابقة، والتي تنحصر بسلاح الحزب وقتاله في سوريا؟! أم أن ظاهرة التسويات المتسارعة ستجعل حزب "القوات" يضع كل الملفّات الساخنة جانبا لدعم مسيرة رئيسه لرئاسة الجمهورية بعد 6 سنوات أو حتى قبل ذلك؟