يكفي النظر الى الدول المحيطة بلبنان لندرك أهمية "الاستقرار الأمني" الذي نعيشه وننعم به رغما عن أنوف الارهابيين الحاقدين، فالأمن في لبنان لم يتوافر بقرار دولي فقط كما يحاولون ان يوهمونا دوما، بل هو نتيجة تضافر جهود القوى الامنية والعسكرية على مدى أسابيع وأشهر. مرت مناسبة رأس السنة على خير وسلام على عكس تركيا مثلا التي ضربها الارهاب في قلب عاصمتها.

في ليلة رأس السنة كانت الخطط الأمنية محكمة ومنسقة بين كافة الأجهزة، فقوى الامن الداخلي نشرت ما يقارب العشرة الاف عنصر في الشوارع وامام دور العبادة والمطاعم والنوادي الليلية، بالاضافة الى المئات من العناصر باللباس المدني، تقول المصادر الامنية لـ"النشرة"، مشيرة الى ان تلك الليلة شكلت سابقة لناحية ضحايا حوادث السير حيث لم تُسجل أي حالة وفاة. وتضيف: "ما عكر صفو ليلتنا كان اطلاق النار ابتهاجا حيث سقط 5 جرحى".

ان هذا الانجاز الأمني لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فلبنان يعيش وسط غابة مليئة بالذئاب المتربصين به، وما حصل في تركيا ابسط دليل على قوة ومتانة "أمننا"، وتشير المعلومات الى ان خطة قوى الامن الداخلي قد بدأت قبل الاعياد بأيام ووصلت الى ذروتها خلال الاحتفالات بليلتي الميلاد ورأس السنة، وستستمر ولكن بوتيرة أقل في الايام القادمة. كذلك بالاضافة الى القوى الامنية لا بد من الوقوف على الدور الريادي لعناصر ​الجيش اللبناني​ في حماية لبنان قبل وخلال وبعد ليلتي الميلاد ورأس السنة.

في هذا السياق، يلفت مصدر عسكري الى ان تدابير استثنائية للجيش اللبناني رافقت الاحتفالات بالتنسيق الكامل مع مختلف الاجهزة الامنية، حيث تم تسيير دوريات رصد للعسكر باللباس العسكري وآخرين باللباس المدني، واستمرت عمليّات مراقبة الأشخاص الذين هم تحت المجهر، وشدّدت تدابير المراقبة في الجرود. ويضيف المصدر: "ان الخطّة كانت ناجحة بشكل كامل وأدّت لتوقيف شبكة خطيرة في طرابلس مؤلفة من 11 شخصا، كان بحوزتهم عبوات وأسلحة مع كواتم صوت وكان هدفهم اغتيال ضباط في الجيش واستهداف ضواحي بيروت".

واذ يشير المصدر الى ان تعزيز الحضور الامني والعسكري في ليلة رأس السنة كان واجبا، يكشف أن "الامن الذي يعمل على بسطه الجيش اللبناني ومخابراته هو "أمن متواصل" يأتي عبر تدابير تكثفت مع وصول مدير المخابرات الحالي كميل ضاهر. ويضيف: "قرارنا قبل رأس السنة وبعده هو لجم الارهاب وضربه في وكره، وهذا يتطلب عملا دؤوبا وتحليلا للمعلومات واحترافا في عمليات الرصد والمتابعة"، مشددا على أن قرار الجيش هذا لن يتغير وسيبقى "الأمن الاستباقي" هو الخيار الامثل لحماية لبنان".

ويذكر المصدر بالعمليات النوعية التي قامت بها مخابرات الجيش اللبناني والتي أدّت لتوقيف أمير "داعش" في مخيم عين الحلوة عماد ياسين، واحد أخطر الارهابيين المطلوبين أحمد يوسف أمون. ويضيف: "ان ما تناقله الاعلام عن خلايا نائمة أُعيد تحريكها لا نؤمن به، فنحن نعلم عن هذه الخلايا، وهي بالنسبة لنا غير نائمة بل مُلاحقة من قبلنا في كل ساعة".

ويشدّد المصدر على أهميّة التنسيق القائم بين مختلف الأجهزة الامنيّة، فتبادل المعلومات أدى لتوقيفات مهمة جدا، مشيرا الى أهمية استمرار هذا التنسيق في المستقبل. ويقول: "انا على ثقة بأن العام الحالي سيكون أفضل من العام السابق لان رئيسي الجمهورية والحكومة الى جانبنا ويقدّمان لنا الغطاء اللازم للضرب بقوة".

لا شك أن اللبنانيين يعيشون في "جنّة أمنيّة"، رغم كل الحوادث الصغيرة التي تحصل هنا وهناك، ومن المتوقع أن ينعكس الاداء الامني الراقي على مستقبل لبنان السياحي، ويكفي اليوم أن يعمل السياسيون على تهدئة الأوضاع لتتكامل الجهود مع القوى الامنية فيعود لبنان الى "أيام الزمن الجميل".