يستعيد عهد الرئيس ميشال عون الدولة تباعاً. قطعاً لم يكن هذا ممكناً بالسهولة ذاتها مع أي كان سواه في رئاسة الجمهورية مع احترامنا لمرشحين معلَنين ومكتومين.

طبعاً، الرجل لا يجترح العجائب. فلا هو قدّيس على الأرض، ولا هو أحد أولياء اللّه الصالحين. إنه، فقط، رئيس للجمهورية يريد أن يؤدي دوره كاملاً غير منقوص. وها هو يؤديه. وتتوافق ظروف إقليمية ودولية لإجماع حوله يجعل يده مطلقة أو شبه مطلقة.

الذين يعرفون فخامة الرئيس سمعوه يردّد مراراً وتكراراً، التزامه بالثوابت الآتية إذا وصل الى قصر بعبدا. وقد وصل:

1- لن أتنازل عن صلاحياتي مقدار حبة خردل.

2- ولن أتعدّى على صلاحيات الآخرين مقدار حبة خردل.

3- لن أتساهل أمام الفساد.

4- لن أسمح لأثقال الماضي أن تعرقل المسيرة.

5- لن أغفر لمن يسيء الى لبنان، وإن كنت غفرت، سلفاً، لمن أساء، اليّ.

6- لن أقبل بأن يؤدي أي تصرّف من قبلي الى إلحاق الظلم بأي كان. ولكن هذا لن يكون على حساب العدالة، فتحقيق العدالة قد يكون صعباً أحياناً كثيرة، ولكنه لا يكون ظالماً في أي حال.

7- لن أقبل بالهيمنة السياسية على القضاء. فليس أمام القاضي سوى ضميره والقانون. وفي المقابل لن أقبل بالقاضي غير النزيه، إذا ثبت عدم نزاهته.

وإلى ما هنالك من أقوال منقولة في مناسبات عديدة عن رئيس البلاد، وقد لا تكون منقولة بالحرف إنما بالمعنى.

والجلسة الأولى لمجلس الوزراء في العام 2017 الجاري، وهي الجلسة العملية الأولى في مسار العهد، التي عقدت أمس، أثبتت بما لا يقبل الشك أنّ الحراك الرئاسي يسير في الإتجاه السليم، خصوصاً في ضوء الحرص المشترك بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على تعزيز التفاهم والتوافق بينهما، وهو يُفترض أن ينعكس، بالضرورة، إيجاباً على إنتاج هذه الحكومة المحكومة بعمرها القصير.

والمقررات الأولى مرّت بسلاسة، بالرغم من دقتها وصعوبة بعضها الآخر، وما كان يبدو مستحيلاً في بعضها الثالث!

إنه زمن التغيير في لبنان. وهو تغيير إيجابي. مَعْلَمُهُ الأوّل الإنتهاء من الفراغ الرئاسي. ومَعْلَمُهُ الثاني سقوط »مبدأ« المعارضة من داخل. (وفي هذه النقطة بالذات لوحظ أمس أنّ الوزيرين مروان حماده وأيمن شقير سجّلا تحفظاً على البند النفطي - وهذا حقهما - ولكن هذا التخفظ كان إيجابياً وليس معارضة). ومَعْلَمُهُ الثالث »الدقّ« في من وما كان الدق فيهما ممنوعاً... ومَعْلَمُهُ الرابع أن رئيس الجمهورية يستقطب التأييد والدعم: شرقاً وغرباً، جدة وطهراناً، واشنطن وموسكو... وفي الداخل التقى على دعم ترشحه فانتخابه الأضداد ولا ضرورة للإستفاضة في الأسماء.

منذ إنتخاب الجنرال رئيساً تُستعاد الدولة الى الوطن مدماكاً وراء مدماك... على أمل أن تستعيد الدولة اللبنانيين.