أصدرت محكمة الجنايات في بيروت والمؤلفة من رئيسة المحكمة القاضية هيلانة اسكندر والمستشارين عماد سعيد وهاني عبد المنعم الحجّار، قراراً بحبس الأمين العام السابق للهيئة العليا للإغاثة العميد ابراهيم علي بشير لمدة سنة وستة أشهر، مع احتساب مدة توقيفه، وبتغريمه مليون ليرة لبنانية فقط، في قضية اتهامه باختلاس أموال عائدة للهيئة العليا للاغاثة في سياق تكليفه بمتابعة ملف ما يُعرف ب​العبارة الاندونيسية​، أي احضار جثامين الضحايا اللبنانيين الذين غرقوا على متن العبّارة المذكورة.

وفي نص الحكم الذي حصلت "النشرة" على نسخة منه، قررت المحكمة عدم تجريم المتهم ابراهيم علي بشير بالجناية المنصوص عنها في المادة 360/359 من قانون العقوبات، واعتبار فعله من نوع الجنحة المنصوص عنها في المادة 363 من قانون العقوبات. وبما يخص الظنّينة ريما قاسم غياض، والمتهمة ايضا بمشاركة بشير في عملية الاختلاس، فقد أدينت بجنحة في المادة 373/257 عقوبات وبتغريمها مبلغ مليون وخمسمئة ألف ليرة لبنانية.

وبما يخص الوقائع القانونية للحكم، أوضح القرار أنه "ثبت بالوقائع والأدلة أنه على اثر غرق عدد من اللبنانيين كانوا على متن عبارة اندونيسية كانت متوجهة من اندونيسيا إلى جزيرة أسترالية، تم تكليف المتهم ابراهيم علي بشير من ضمن وفد رسمي للتوجه إلى اندونيسيا لمتابعة الموضوع حيث ذهب على مرحلتين رافقته فيهما الظنّينة ريما غياض، وكان الأول متولياً أمر صرف المال في حين كانت الثانية تنفذ الأوامر وتدفع من الأموال التي كان المتهم قد سحبها من حساب الهيئة العليا للاغاثة وسلّمها اليها".

ولفت قرار الحكم إلى أن "هذه العمليّة تم تقسيمها أيضًا إلى مرحلتين: الأولى هي اعادة 34 مواطناً لبنانياً كان ستة منهم في السجون الاندونيسية في حين أنّ الباقين متهمون باتهامات أخرى، والمرحلة الثانية هي السفر الى اندونيسيا للتعرف على هويّات ضحايا العبّارة بواسطة فحوصات الـDNA ومن ثم اعادة الجثامين إلى لبنان"، مضيفاً ان "مجموع المبالغ التي دفعت في المرحلتين بلغت 271875 دولار أميركي وتبين أن 214759 دولار أميركي منها موثّق بفواتير في حين بقي مبلغ 57116 دولار أميركي غير موثّق، وادرج ضمن نثريات ومصاريف سريّة لمساعدة المساجين والمتهمين اللبنانيين. وتبين بنتيجة التحقيقات ان هذه المصاريف تضمّنت تبذيراً في الصرف، فتمّ وضع عدد من الاشخاص الذين أخرجوا من السجون الاندونيسية في الفندق الذي نزل فيه الوفد اللبناني، وتعسّفوا باستخدام كل شيء، اضافة الى تسليم هدايا ودفع مصاريف غير موثّقة الاهداف، وقد تبين بنتيجة ذلك، ان المتهم ارتكب اخطاءً جسيمة وفادحة في صرف الاموال العامة التي اوكل امر ادارتها اليه بحكم صفته ووظيفته، ونتج عنها ضرراً بالمصلحة العامة والاموال العمومية". وأوضح القرار أنه "لم يثبت ان المتهم اقدم على اختلاس الاموال التي تبيّن أنه ارتكب اخطاءً في طريقة صرفها دون تحقيق مكاسب شخصيّة من وراء ما قام به".

وفي ما يخص الظنينة ريما غياض، أشار القرار إلى أنها "سلّمت المال العام للغير من دون فواتير وتسديداً لمصاريف غير ضروريّة، ولا يمكنها الاحتجاج بانها كانت تنفذ اوامر المتهم، لأنها بحكم صفتها الوظيفيّة يتوجب أن تنفذ الأوامر الوظيفية القانونية فقط، حتى انه لم يثبت ان الظنينة قد اعترضت على عمليات صرف المال بالطريقة الخاطئة ولم تقم برفع تقرير بما حصل معها عند عودتها إلى لبنان".

في المحصلة، تم اغلاق قضيّة "الاختلاس بملفّ العبّارة الاندونيسية" بالتبرئة من تهمة الاختلاس، والتجريم بسوء استخدام الأموال العامة، والتي بلغت 57116 دولار أميركي.