أعلنت ​روسيا​ في النصف الاول من شهر كانون الاول 2016 تحرير مدينة​حلب​ من الإرهابيين، نتيجة لهجوم قامت به بمشاركة الجيش السوري وحلفائه، ولم يمضِ أسبوعا واحدا على هذا الإعلان، حتى وقعت كل من تركيا وموسكو اتفاقا لوقف اطلاق النار .

ورأت مصادر دبلوماسية غربية، تعليقا على هذا التطور، ان الكرملين أراد توجيه رسالة الى الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب مفادها استئناف الجهود لايجاد حل سياسي لإنهاء الحرب في بلاد الشام، ومباشرة مفاوضات سلام من المتوقع أن تعقد في مدينة آستانة في كازاخستان أواخر شهر كانون الثاني الجاري .

واضافت المصادر ان وقف اطلاق النار بدا هشًّا ويشهد انتكاسات متواصلة، مع هجوم شنّه الجيش السوري بمؤازرة "حزب الله" في وادي بردى وشرق الغوطة ضد المجموعات المعارضة المسلّحة، في الوقت الذي هدّدت عشرات المجموعات المسلحة بمقاطعة مفاوضات السلام المرتقبة، إذا لم يحترم الجيش السوري اتفاق وقف اطلاق النار .

والمعروف أن وادي بردى محاصرة منذ شهر تموز الماضي، حيث حاصر الجيش السوري والحزب الطرق المؤدية الى نبع يغذّي العاصمة دمشق بالمياه .

ولاحظت المصادر أن القوات الإيرانية وحزب الله أيضًا كانا يعملان لتشديد سيطرتهما على ضواحي العاصمة السورية، في سياق مخطط لتأمين ممرٍّ آمنٍ يربط ​ايران​ بلبنان عبر سوريا والعراق، وتهدف هذه المجموعة الى انشاء هذا الممر وتجنب وقف اطلاق النار قدر الإمكان .

وتقول المصادر ان روسيا تريد فعلا تثبيت وقف اطلاق النار، اقلّه حتى موعد المفاوضات المرتقبة في كازاخستان، لكن إيران غير متحمسة لهذه الخطة الروسية-التركية، واشارت الى وجود وجهات نظر مغايرة بين الاثنين حول الاولويات في سوريا، لأنّ روسيا تفضّل حلاًّ سياسيًّا للازمة يمكّنها ان تؤمن سيطرتها على المؤسسات الحكومية، حيث عملت على ذلك منذ سنوات عدة، في الوقت الذي تفضل ايران وحلفاءها حلاًّ عسكريًّا يؤمن تغييرا ديموغرافيا سريعا، لتعزيز قيام "الهلال الشيعي" الذي تعمل منذ عقود لإقامته .

ولفتت المصادر نفسها ان التحالف الإيراني-الروسي في سوريا بدا منذ وكأنه حلف موقّت، لأنه حين اتفق الاثنان على العمليات العسكرية، اختلفا حول تحقيق السلام .

في المقابل ترى روسيا ان ليس من مصلحتها حصول تبدّلات ديموغرافية وانشقاقات داخل سوريا، ولا يرغب الرئيس فلاديمير بوتين في ان "يغتصب" قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني سلطة الرئيس السوري بشّار الأسد، ويفضّل الحلّ السياسي الذي يؤدي الى انتقال تدريجي للسلطة في دمشق .

ويبدو وبحسب المصادر ان من الصعب رأب الصدع بين ايران وروسيا في الملف السوري، مع ان بوتين لا يمانع في تأمين ممرٍّ لإيران في سوريا، ما دامت طهران لا تحاول الاستقواء على الوجود الروسي في دمشق .

وذكرت المصادر بما قاله وزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو الّذي صرح للصحافيين قائلا "ان على جميع المقاتلين مغادرة سوريا وان على "حزب الله" العودة الى لبنان"، وبردّ حزب الله ومعه ايران حيث أعلنا ان أيًّا من قواتها لن تغادر سوريا مع او بدون اتفاق، لأنهما هناك لمحاربة الإرهاب والحرب ضده لم ينته بعد .

وخلصت المصادر الى ان المعضلة التي تواجه مفاوضات السلام في أواخر الشهر الجاري هي غياب توجه معيّن حول مصير الرئيس السوري، اضافة الى ان دول الخليج وخصوصًا المملكة العربيّة السعوديّة وقطر ليست مدعوّة الى هذه المفاوضات، وان من غير الواضح كيف ستكون ردّة فعلها حيال أي قرار سيتم اتخاذه.

اما الولايات المتحدة الأميركية فهي كانت غائبة عن اجواء المفاوضات التي ستعقد برعاية تركيّة-روسيّة، لكن هذا لا يمنع ترامب الذي يكون قد دخل البيت الأبيض قبل نهاية الشهر الجاري، من أن يجد لإدارته مقعدا حول طاولة هذه المفاوضات إذا ما قرّر ذلك .