تتركّز الأنظار حاليًّا على ​كازاخستان​ وما سيؤول اليه المؤتمر المزمع انعقاده فيها، للبحث في الوضع السوري المأزوم.

واذا كان حضر الملف السوري في صلب المحادثات التي اجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في كل من المملكة العربية السعودية ودولة قطر، حيث كان هناك كلام عمّا يمكن ان تؤدي اليه محادثات السلام في آستانة والمتوقعة في أواخر الشهر الجاري برعاية روسية-تركية، ومشاركة معظم الأفرقاء التي لها علاقة مباشرة بهذا الملف، يبقى أن الاقليم المشتعل منذ سنوات بات يشكّل عبئا ليس فقط على لبنان لجهة النزوح السوري اليه، إنّما هو الهاجس الأكبر لدول العالم نظرًا لتشعّبات الملف السوري والعقد السياسيّة والعسكريّة المتداخلة التي يدور في فلكها.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ"النشرة" انه مهما كانت نتائج هذه المحادثات فلا بد من سرد بعض الوقائع المؤلمة التي حلّت بسوريا من جراء هذه الحرب، بغض النظر عمّا يردد النظام السوري بأن النصر أصبح قريبا .

وتشير التقديرات، بحسب المصادر، الى أن ثمانين في المئة من السوريين يعيشون على مستوى خطّ الفقر، منهم حوالي 70 بالمئة غير قادرين على تأمين الضرورات الاساسية حسب تقارير محايدة صدرت في العام 2016.

واضافت المصادر ان نسبة البطالة في سوريا قاربت الـ58 في المئة، وان الذين يعملون تتركز أعمالهم على التهريب، او في مكان آخر ضمن اقتصاد الحروب.

وتقول المصادر ان الاوضاع الصحيّة في سوريا كارثيّة، مع حوالي 500 الف شخص قضوا في العمليات العسكرية، ووجود أكثر من مليوني جريح .

ولفتت المصادر نفسها الى دراسة اجرتها وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتي تعنى بأزمة النازحين السوريين في العام 2015، تشير فيها الى أنّ 86 بالمئة من هؤلاء أعمارهم تقل عن 35 عاما، واذا كانت هذه الأرقام دقيقة، فهذا يعني ان سوريا خسرت العامل البشري التي هي بحاجة اليه لإعادة الإعمار .

ورأت ان تقديرات أخرى نشرت في اذار من العام 2016 تشير الى ان الخسارة التي سبّبتها الحرب في سوريا تقدر بـ275 مليار دولار، وان الصناعة في أنحاء البلاد قد اندثرت، يضاف الى هذا كله أن اعادة بناء البنية التحتية تقدر بين 180 مليار و200 مليار دولار .

وتعتقد المصادر ان لا شيء يوحي بأن الحرب في سوريا شارفت على الانتهاء، لأن لا النظام أو المعارضة استطاعا حتى الآن تحقيق الأهداف التي من أجلها دخل الجميع في هذا الصراع المسلّح، وان الثانية غير قادرة على قلب النظام .

في المقابل تعترف المصادر أن للنظام مندوبا دائما في الامم المتحدة، ولديه سفارات في عدد من الدول، ويصدر جوازات سفر، ويطبع عملة سورية، لكن سيطرته على البلاد غير مضمونة، ومن الصعب اعتبار سوريا في ظل الادارة الحالية دولة في كل معنى الكلمة.

ورأت المصادر ان الرئيس بشار الاسد يحتاج الى مساعدات الخارج ليتمكن من اعادة إعمار سوريا ولو بشكلٍ جزئيّ، هذا إذا ضمنت له محادثات كازاخستان حلاًّ سلميا يسمح له البقاء في السلطة، متسائلة من هي الجهات او الدول التي ستقدم مثل هذه المساعدات الضخمة، اذا لم يحصل تبدّل أساسي في النظام الحاكم يمهّد لولادة سوريا الجديدة .

وشكّكت المصادر في أن تقدّم أي جهة او اي دولة، مساعدات، اذا لم يقبل النظام السوري بتغييرات من البديهي أن تُفرض عليه في أيّ تسوية قادمة، والتي لا بدّ وأنْ يتنازل بموجبها عن الكثير من الامتيازات التي يتمتع بها النظام حاليا .

وخلصت المصادر الى القول ان الجيش السوري ليس وحده هو الذي حرّر حلب ونجح في إبقاء مناطق من سوريا لا بأس بها تحت سيطرته، وبالتالي سيكون للحلفاء الذين دعموه وساعدوه، الكلمة الفصل في شكل الحكم المقبل في سوريا، سواء قبل الرئيس الأسد او لم يقبل، ويجب ان يواكب مثل هذه الفرضيّة نجاح محادثات السلام في آستانة، وبضمانة دولية لا بد وان يكون الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب جزءًا منها، لا سيّما وأنها ستبدأ بعد ان يكون قد تسلّم السلطة من الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما في العشرين من الشهر الجاري .