يبدو حزب الله حاسما بقراره خوض المواجهة النيابية في وجه الثنائي التيار الوطني الحر-​القوات اللبنانية​ في المناطق المختلطة مسيحيا-شيعيا وبالتحديد في بعبدا وجبيل وزحلة. ولم تفلح كل مساعي "القوات" حتى الساعة باستباق الاستحقاق النيابي باطلاق عجلة الحوار مع الحزب، علما ان رئيسه سمير جعجع يسعى بذلك "لزيادة الخير" لا أكثر، من منطلق ان مسعاه الاساسي يبقى في انجاح التحالف الرباعي الذي أعلن عنه أخيرا والذي يضمه الى التيار الوطني الحر وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. ويتطلع جعجع لتوسيع كتلته النيابية نتيجة التحالف المذكور والذي من المرجّح ان يخوض الانتخابات موحدا في الشوف وعاليه وزحلة وعكار وبعبدا وبيروت، فتصبح من 12 نائبا. وبحسب مصادر مطلعة، فان كتلة "التيار الوطني الحر" ستتوسع هي ايضا لتضم 3 نواب جدد فيما يبقي رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي على نوابه مع امكانية فقدانه أحدهم، تماما كما "المستقبل" الذي يُدرك ايضا أنّه قد يخسر بعضا من نواب كتلته. أما الخاسر الأكبر من هذا التحالف الذي بدأت معالمه تتضح أكثر فأكثر فحزب الكتائب وبعض من المسيحيين المستقلّين، الذين ومهما تكتلوا لن ينجحوا في تحقيق اي خرق يُذكر في كنف القانون المرتقب ان تجري الانتخابات على اساسه، الا وهو "الستين مجمّلا".

وتشير مصادر مقرّبة من الحزب الى انه لن يقبل بخوض الانتخابات كتفا الى كتف مع حزب "القوات" مهما كانت الظروف، بالرغم من المساعي التي بدأها التيار الوطني الحر لتفادي مواجهة انتخابيّة مرتقبة مع حليفه الشيعي، وان كانت هذه المواجهة هي الأوضح في بعبدا، باعتبار انّه تم تجيير القرار في بيروت وزحلة الى حركة أمل، فيما يُترك النائب الشيعي في جبيل عادة ليكون من حصة التيار الوطني الحر.

ويتمسك رئيس الجمهورية بوجوب اقرار قانون جديد كونه يدرك تماما أن السير بالستّين كما هو سيشكل ضربة قد تكون قاضية لعهده، ولكن وفي ظل التعقيدات الكبرى المحيطة بالموضوع وبالتحديد من بوابة القانون المختلط الذي لم تتضح حتى الساعة كيفية تطبيقه عمليا، ترجح المصادر أن يضطر عون للسير بـ"الستين منقّحا"، اي بعد ادخال تعديلات أساسية عليه هي بمجملها من الاصلاحات التي ينادي بها "التيار الوطني الحر". وتضيف المصادر: "بعد اعلان النائب وليد جنبلاط صراحة رفضه النسبية جملة وتفصيلا واعلانه الاستنفار العام، لن تتأخر كثيرا باقي الأحزاب والقوى بالتخلي عن منطق المجاملة للانضمام الى صفوف البيك المتوجّس، وأبرزها تيار المستقبل وحزب القوات والنائب سليمان فرنجية الذين يتمسكون بالستّين للابقاء على أحجامهم النيابية الحالية بحد أدنى".

وسيكون على الثنائي الشيعي حزب الله–حركة أمل، والتيار الوطني الحر عاجلا أو آجلا القبول على مضض بخيار باقي الفرقاء ولعلهم بدأوا منذ الآن اعداد التبريرات اللازمة لركوبهم مجددا موجة الستّين، على ان تكون "فزّاعة التمديد" أقوى الأوراق التي سيلعبونها، باالاشارة الى انّهم سيحاولون اقناع جماهيرهم بأنّهم اضطروا على السير بالستّين تجنبا لكأس التمديد المرّ.

بالمحصّلة، واذا سارت الأمور كما يُخطَط لها، سيكون رئيس حزب "القوات" سمير جعجع مرة جديدا أول الرابحين باعتباره سيؤمّن توسيع كتلته النيابية بعدما أمّن لنفسه كتلة وزاريّة وازنة نتيجة تلقّفه باكرا التسوية الرئاسيّة التي باتت تدر له ذهبا، وخصوصا في الشارع المسيحي الذي نصّبه زعيما ثانيا له من دون أيّ منازع.