"إنكسرت الجرّة" بين رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ووزير العدل السابق أشرف ريفي، وصار أكيدًا أنّ هذا الأخير سيُشكّل لائحة مُنافسة للائحة التي سيقوم رئيس "تيّار المُستقبل" بتشكيلها، لخوض الإنتخابات النيابيّة المُقبلة في مدينة طرابلس، وسيقوم أيضًا بدعم لوائح خارج لوائح "المُستقبل" في أكثر من منطقة. فما هي خُطة ريفي لمُواجهة الحريري، وهل يُمكن أن يفوز عليه إنتخابيًا؟

بحسب المَعلومات المتوفّرة، يُراهن القائد السابق لقوى الأمن الداخلي على مُعطيات عدّة لإلحاق الهزيمة برئيس الحكومة الحالي خلال الإنتخابات النيابيّة المُقبلة، علمًا أنّ هذه المُهمّة ليست سهلة كون المُتنافسين يسعيان لكسب تصويت جمهور "تيّار المُستقبل"، أيّ أنّهما يتنافسان عمليًا على الأصوات نفسها بالدرجة الأولى. وفي هذا السياق، يُراهن ريفي على وضع الحريري في موقف حرج خلال الإنتخابات المقبلة، بسبب وجود إحتمال من إثنين:

الإحتمال الأوّل أنّ يفشل "تيّار المُستقبل" في التوافق مع "خُصوم الأمس" على تقاسم حصص مدينة طرابلس النيابيّة، الأمر الذي سيُؤدّي حُكمًا إلى ولادة ثلاث لوائح أساسيّة مُتنافسة، الأولى محسوبة على "تيّار العزم" وقوى "8 آذار"، والثانية محسوبة على "تيّار المُستقبل" وبعض الشخصيّات المُصنّفة "وسطيّة"، والثالثة تكون مُشكّلة أو مدعومة من الوزير السابق ريفي. ومن شأن هذا الأمر أن يؤدّي إلى تقسيم أصوات الطرابلسيّين إلى ثلاثة أثلاث، وبالتالي إلى إرتفاع حظوظ لائحة القائد السابق لقوى الأمن الداخلي.

الإحتمال الثاني أن ينجح "تيّار المُستقبل" في تشكيل لائحة توافقيّة مع قوى "8 آذار" في طرابلس، ومع بعض الشخصيّات "الوسطيّة"، الأمر الذي سيستغلّه ريفي لمحاولة تكرار "سيناريو" الإنتخابات البلديّة السابقة، من خلال كسب أصوات جزء كبير من مُناصري ومُحبّي "المُستقبل"، إضافة إلى أصوات كل من هيئات "المُجتمع المدني"، والناقمين على "لوائح السلطة" عُمومًا، والقوى السياسيّة المُعارضة لسياسة "حزب الله" و"النظام السوري" والتي لن تجد لها مكانًا على لوائح "المُستقبل".

والخطاب الذي ينوي ريفي إعتماده في معركته الإنتخابيّة المُقبلة سيكون مبنيًا على رفض سياسة التنازلات التي إعتمدها "تيّار المُستقبل" وجزء من قوى "14 آذار" السابقة، وسيُركّز على ضرورة إستمرار مُواجهة سلاح "حزب الله" وسياساته الداخليّة والخارجيّة. كما أنّه سيستغلّ سياسة التضييق التي تعرّض لها منذ سنوات حتى اليوم، حيث أقيل من منصبه الأمني بحجّة الإلتزام بالقوانين بينما جرى التمديد لغيره من القادة الأمنيّين بحجّة عدم إفراغ المواقع الحسّاسة! وسيستغلّ إنتقاده وحصاره وتركه وحيدًا عندما إستقال من منصبه الوزاري إحتجاجًا على سياسات "حزب الله". كما سيستغلّ سياسة العزل التي تمارس ضدّه، والدخول في تحالفات مع خُصوم الأمس لحصاره، وُصولاً إلى سحب الجزء الأكبر من العناصر التي كانت مُخوّلة بحمايته، إضافة إلى سحب موكب السيارات المُصفّحة التي كانت موضوعة بتصرّفه.

ويُخطّط القائد السابق لقوى الأمن الداخلي لفرض نفسه كزعيم طرابلسي أوّلاً، له إمتدادات شعبيّة في العديد من المناطق اللبنانيّة ثانيًا، وهو يكفيه أن ينجح كرئيس لائحة مع عدد من النوّاب، ليُصبح حُكمًا قطبًا سياسيًا يُحسب له ألف حساب، إن على مُستوى القيادات السنّية أو على مُستوى القيادات الوطنيّة.

وممّا لا شكّ فيه أنّ شخصيّة ريفي مُحبّبة لدى قسم كبير من أنصار ومؤيّدي "تيّار المُستقبل" وبعض أنصار قوى "14 آذار" السابقة، وخطابه يلقى صدى كبيرًا في هذه الأوساط، لكن قيامه بتشكيل لائحة مُواجهة للائحة "تيّار المُستقبل" سيُحرج الكثير من مُناصري هذا التيّار، وسيجعلهم ضائعين في خياراتهم. فالمعركة الإنتخابيّة تختلف تمامًا عن المعركة البلديّة، حيث يُقدّم الناخبون الإعتبارات السياسيّة العريضة على مصالحهم الشخصيّة الضيّقة. والكثير من هؤلاء المُناصرين سيكون في موقف لا يُحسد عليه، لجهة الرغبة في تثبيت زعامة ريفي من جهة، لكن من دون إلحاق الهزيمة بتيار المُستقبل من جهة أخرى، وهو ما لا يُمكن أن يحصل في حال بقيت الأمور سائرة وفق المُعطيات الحالية التي تؤكّد حتميّة المُواجهة بين الطرفين إنتخابيًا.

في الخلاصة، إنّ الإنتخابات النيابيّة المُقبلة-وحتى لو تمّت وفق القانون الذي جرت عليه إنتخابات العام 2009، مُرشّحة لأن تحمل تغييرات كبيرة في التحالفات والتموضعات السياسيّة، وفي شكل ومضمون العديد من اللوائح، مع ما يحمله هذا الأمر من إحتمالات كبيرة بحُصول مفاجآت قد تكسر رتابة "المَحادل" الإنتخابيّة التقليديّة.