متعاقدو وزارة الإعلام في لبنان يطالبون بأن يقرّ المجلس النيابي مشروع القانون المتعلق بإفادتهم من المعاش التقاعدي والطبابة بعد بلوغهم السنّ القانونية، وهذا مطلب محق، كسائر المطالب المحقة الأخرى. لكنه المطلب الأقلّ تعقيداً وتكلفة، وتحقيقه ينصف المتعاقدين ويعطيهم دفعاً قوياً لبذل جهود مضاعفة، وأداء المهام المنوطة على أكمل وجه.

صحيح أنّ إقرار هذا المطلب المحق ينصف المتعاقدين، لكنه من جهة أخرى، يساهم بشكل أساسي في التحفيز على تعزيز دور الإعلام الرسمي، ودفع تلفزيون لبنان والإذاعة اللبنانية إلى المزيد من الإنتاجية والتغطية غير الاستنسابية، على غرار ما تقوم به الوكالة الوطنية للإعلام.

إنّ لبنان بحاجة إلى النهوض بالإعلام الرسمي على المستويات كافة، والخطوة الأولى البديهية وضع الخطط والمشاريع، والخطوة الأولى الإجرائية تحقيق مطلب المتعاقدين، وليس هنالك من موانع موضوعية تقف حائلاً أمام إقرار هذا المطلب المحق.

الانحياز إلى مطلب المتعاقدين مع وزارة الإعلام، هو انحياز إلى جانب وسائل الإعلام وكلّ العاملين فيها، وخصوصاً الصحف اليومية التي كانت ولا تزال، جزءاً أساسياً من رسم وتشكيل صورة لبنان بوصفه نطاق ضمان للفكر الحر، ولحرية الرأي والتعبير، لذلك، فإنّ أولى أولويات الحكومة اللبنانية أن تحافظ على هذه الصورة التي ميّزت لبنان، وأن توفر كلّ أشكال الدعم من أجل تحفيز الصحف اليومية على الاستمرار وأداء رسالتها الإعلامية كي تبقى صورة لبنان على نقاء الحرية.

لبنان يخسر نصاعة صورته إنْ خسر صحفه الورقية، فهذه الصحف على اختلافها تبقى متميّزة في مضمونها ومهنيتها ومتمايزة برصانتها، خصوصاً في ظلّ ما نشهده من طفرة انتشار المواقع الالكترونية وخفّة صفحات التواصل الاجتماعي في التعاطي مع المواضيع والقضايا المختلفة.

ما طرحه وزير الإعلام السابق، وما يطرحه الوزير الحالي، بخصوص دعم الصحف اليومية، لا يرقى إلى المستوى المطلوب، لذلك، لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار، أهمية الصحف دوراً ورسالة وتناولاً لقضايا الناس وحرصاً على مصلحة البلد، وبذل كلّ الجهود لتأمين ديمومة استمرارها وحماية حقوق العاملينفيها من الطرد التعسّفي من دون أيّ وجه حق.

الحرية هي الرئة التي يتنفّس بها لبنان، والإعلام الرصين عماد الحرية، يحميها من التفلت والاندثار.