ما من سبب موجب لزيارة أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى لبنان، إنْ بشخصه أو بما يمثل. فجامعة الدول العربية، تنكّرت لمبادئها وأهدافها، من خلال تدخلها البشع في شؤون الدول الأعضاء، وهذه الجامعة، وبدل أن تعمل «على توثيق الصلات بين الدول العربية وصون استقلالها والمحافظة على أمن المنطقة وسلامتها»، فإنها لعبت دوراً وظيفياً لمصلحة دول عربية مارقة، ضدّ دول عربية أخرى وتحديداً ضدّ سورية العضو المؤسس للجامعة.

ولأنّ أبو الغيط يمثل جامعة فرّقت دولها، وروّجت للفوضى والخراب باسم «الربيع العربي»، فإنّ زيارته إلى لبنان هي نذير شؤم، خصوصاً في هذا التوقيت، حيث يدهم استحقاق الانتخابات النيابية القوى السياسية كافة، توازياً مع قيام بعض هذه القوى بتعطيل الوصول إلى قانون جديد للانتخابات يحرص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أن يكون قانوناً يعتمد النسبية بما يحقق صحة التمثيل ويحصّن الاستقرار ويعمّق وحدة اللبنانيين.

نذير الشؤم في زيارة أبو الغيط، أنّ جامعته التي خضعت لعملية «حصر إرث» وأصبحت مملوكة من قبل «شركة الدول الخليجية القابضة»، تحوّلت الى عامل تهديد لاستقرار الدول، والعمل ضدّ مبدأ وحدة أيّ دولة، وأبو الغيط نفسه، كان دعا قبل عدة أشهر إلى «إقامة نظام فدرالي في سورية على غرار النظام المطبّق في روج آفا شمال سورية»!

ما هو مؤكد أنّ أبو الغيط يعرف طبيعة النظام الطائفي في لبنان، لكنه لا يجرؤ على عرض نظرية «روج آفا» على المسؤولين اللبنانيين، لأنه على الرغم من هذا الواقع الطائفي والمذهبي المقيت في لبنان، فإنّ المسؤولين اللبنانيين، يرفضون من مواقعهم في الدولة، أيّ طرح يخالف مبدأ وحدة اللبنانيين، وايّ نظرية مقنعة للتقسيم والتفتيت. وفي حضرة رئيس الجمهورية العماد عون الذي يشدّد على قانون انتخابات عصري يؤمّن صحة التمثيل، ليس متاحاً لأبو الغيط أن يعرض «إبداعاته» التقسيمية «روج آفا».

أما بما خصّ النازحين السوريين، فآخر من يحق له التحدث في هذا الأمر هو أبو الغيط وجامعته المملوكة التي شكلت غطاءً للمجموعات الإرهابية، ودعمت الإرهابيين بالمال والسلاح لسفك دم السوريين وتهجيرهم. وهذه الجامعة هي من يتحمّل مسؤولية تغطية الحرب الإرهابية الكونية على سورية. وعلى كلّ حال تشكلت في لبنان لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة لمتابعة قضية النازحين، وننتظر من هذه اللجنة خطوات جادّة، منسّقة حصراً مع الحكومة السورية.

لكن المضحك في تصريحات أبو الغيط، دعوته لبنان لأن يكون له «دوره الواضح في نشاط وأعمال الجامعة العربية»، وتشديده على «معالجة المشاكل الضاغطة على المنطقة بكاملها وعلى العلاقات العربية العربية»، وكيفية إعداد الموقف العربي لمواجهة تعامل الرئاسة الأميركية الجديدة مع العالم العربي!

وهنا نسأل: أيّ عمل تقوم به الجامعة العربية؟ وما هو التصوّر لحلّ المشاكل الضاغطة على العلاقات العربية العربية؟ وما هي طبيعة الموقف العربي ضدّ سياسات الإدارة الأميركية؟

لقد غاب عن أبو الغيط أنّ جامعته المملوكة، عمّقت الانقسامات بين دول العالم العربي، وارتهنت بقراراتها لأميركا وحلفائها، وشكلت جزءاً من منظومة الحرب الكونية ضدّ سورية.

مهلاً أبو الغيط، صراعنا مع العدو الصهيوني لا يُختصر بـ «القدس الشرقية» بل هو صراع من أجل تحرير مدينة القدس كلها، وكلّ فلسطين.

مهلاً أبو الغيط، طريق أستانة لا تمرّ عبر لبنان، بل عبر سورية التي ساهمت جامعتك في حرب تدميرها وقتل شعبها.

أبو الغيط.. شمِّع الخيط ولا تعود…