لا يجد حزب الله نفسه معنيا كثيرا او متحمسا للمحادثات المرتقبة في آستانة عاصمة كازاخستان بين المعارضة والنظام السوري مطلع الأسبوع المقبل. فهو كما طهران والنظام نفسه لا يعتبرون ان الوقت قد حان للعودة الى طاولة المفاوضات. لا بل هم مقتنعون بقدرتهم على الحسم العسكري على أن يأتي الحل السياسي بعدها انعكاسا لواقع الميدان وتتويجا لـ"انتصاراتهم". الا ان تعارض الأجندتين ال​ايران​ية والروسية في سوريا يجعل كل الفرقاء ملزمين حاليا بالتعاون مع الجهود التي تبذلها موسكو، وتتركز بنظر حلفائها في المعركة السورية على تثبيت مكانتها كقطب عالمي ثانٍ ينافس الولايات المتحدة التي تمر بمرحلة انتقالية، لا شك ستؤدي لتغيرات كبيرة ليس فقط على مستوى الداخل الاميركي بل الى حد بعيد على مستوى السياسة الخارجية لواشنطن.

ولم يُعر الحزب الكثير من الاهتمام للتصريحات التركية المتتالية التي حثّته على الخروج من سوريا، باعتبار ان طهران تولّت الى حدٍّ بعيد توجيه الرسائل الحاسمة في هذا السياق. وبحسب مصادر مطّلعة على موقف حزب الله فان موضوع الانسحاب من المعركة السورية "غير مطروح على الاطلاق في المرحلة الراهنة، وهو غير وارد ولا يتمّ الا باتفاق بين الحزب والنظام السوري، على غرار الاتّفاق الذي تمّ بين الطرفين وأدّى لدخول عناصر الحزب للقتال في سوريا قبل نحو 5 سنوات".

وتستغرب المصادر اندفاعة البعض بالحديث عن ورقة سياسية ستصدر عن آستانة او عن جنيف مطلع الشهر المقبل، وذهاب البعض الآخر لطرح أسماء رؤساء لحكومة عسكرية انتقالية في سوريا، قائلة: "ما يسعى اليه الروس في آستانة هو تثبيت وقف اطلاق النار حصرا، وكل حديث او توقعات تتخطى حدود الهدنة العسكرية، مبالغ فيها ولا تمت للواقع بصلة".

وتشير المصادر الى انّه وفي حال نجحت آستانة ومن بعدها محادثات جنيف في 8 شباط المقبل بتثبيت وقف اطلاق النار، عندها يمكن انطلاق المفاوضات الفعلية بايجاد حلٍّ سياسي، وهي مفاوضات ستكون شاقة وتستمر ربما لأشهر وأعوام، وتضيف: "حتى ذلك الوقت لن يغادر الحزب مواقعه في الاراضي السورية، فهو الأرجح سيكون آخر المنسحبين بعد ضمان عودة الأمن والأمان الى سوريا، مع التأكيد على ان ذلك لا يتم الا بطلب من النظام السوري نفسه".

أما محاولة أنقرة وضع حزب الله في سلة واحدة مع "جبهة النصرة" و"داعش" فهي "محاولات ساقطة"، بحسب المصادر التي تشدد على ان "تركيا اول يعلم بأن لا مجال للمقارنة بين فريقين ارهابيين والحزب، علما ان الأخير قد لا يتردد بالانضمام الى تحالف دولي ما لمواجهة هذه التنظيمات في مرحلة لاحقة تنفيذا لبنود تسوية سياسية سيسبقها لا شك طرد المجموعات الارهابية من الاراضي السوريّة، باعتبار ان قسما كبيرا من هذه التنظيمات لن يتجاوب مع اي قرار دولي في هذا السياق وسيستمر بالمواجهة حتى يتم ابعاده بالقوة".

وتهزأ المصادر من النبرة التركية العالية في هذا المجال، مذكرة أنقرة بأنّها تحاول دخول مدينة الباب منذ أشهر وهي عاجزة حتى الساعة بالرغم من كل الدعم الذي تتلقاه وآخره الروسي، وتقول: "نحن نتحدث عن مدينة صغيرة كالباب ولا نتحدث عن حلب أو الرقة، وهذا يعكس تواضع القدرات العسكرية لتركيا في الداخل السوري، هي التي كانت تعول على دعم أميركي مستمر وحثيث حاليا لأعدائها الأكراد".

وحتى اتضاح معالم الاتفاق الذي يسعى الثنائي التركي-الروسي لفرضه في آستانة، يعي كل اللاعبين على الساحة السورية أن تسوية لا يرضى عنها جميع الفرقاء المعنيين بالملف وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية وطهران، تسوية لن تمر.