يجب الإعتراف، بداية، بأن إنجاز قانون جديد للإنتخابات النيابية ليس بالأمر اليسير. فلا بدّ من قوة خارقة يمكنها أن توفّق بين الأقوام كلها وسط هذه المعمعة من المشاريع والإقتراحات التي لا تتوافق على أي نقطة جوهرية.

ويكابر من ينكر أنّ العهد العوني أمام إمتحان كبير. وهو إمتحان يشمل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في آن معاً. فالرجلان التزما علانية إجراء الإنتخابات النيابية. وإجراءها في موعدها. وإجراءها على أساس قانون إنتخابي جديد.

صحيح أن الضرر، في حال عدم تحقيق أي من بنود الإلتزام الثلاثة الواردة أعلاه، سيصيب رئيس الجمهورية أكثر مما يصيب رئيس الحكومة، إلاّ أن الرجلين في الهوا سوا كما يقول المثل السائر، ذلك إنهما، كلاهما، التزما بتعهد لم ينفكا عن ترداده في أي مناسبة تتوافر لكل منهما...

وإذا كان آخر مواطن، مقيم في آخر أرض نائية يدرك بداهة أننا دخلنا في «مرحلة الخطر» الزمني، إذ ان العد العكسي للمهل القانونية بات بالأيام، وأحسنه بالأسابيع المعدودة، فمن باب أولى ألاّ تغيب هذه الحقيقة عن أذهان المسؤولين وفي طليعتهم الرئيس الجنرال ميشال عون والرئيس الشيخ سعد الحريري والوزير الأستاذ نهاد المشنوق الذي يبدو أقل تحرّجاً كونه بادر الى الإعداد للعملية الإنتخابية، وهو غير محرج أمام القانون سيان أكان قانون الستين الحالي أو المعدّل أو أي قانون آخر.

«قانون الستين مرفوض»

قالها الرئيس ميشال عون بالفم المليان. وبالفم المليان قالها الرئيس نبيه بري. ومثلهما قالها الرئيس سعد الحريري. وقالها ويقولها الجميع، باستثناء وليد جنبلاط.

والقول جميل، إنما الفعل أجمل.

فكيف، ومتى سيكون القانون الجديد؟!.

والأهم:الرئيس عون يقول بالقانون الجديد الذي »ينصف الجميع«، وهذا كلام أشد جمالاً ممّا قبله. ولكن كيف؟ وهل ثمة قدرة على إجتراح العجائب في هذا الزمن؟!.

إن من حق اللبنانيين أن يطرحوا هذه الأسئلة في بيوتهم، ومن حقهم أن يتطارحوها في ما بينهم. ومن حقهم أن يرموا بها في حضرة المسؤولين المعنيين جميعاً... ومن حقهم خصوصاً أن يحظوا بالجواب الشافي. وهذا لا يكون إلاّ بإقرار القانون الإنتخابي الجديد.

فهل هذا ممكن؟

كانت هذه الزاوية قد تحدثت قبل أيام عن «شغل» يمشي بوتيرة متسارعة بين أطراف عديدة يهدف الى اعداد مشروع (أو إقتراح) قانون لا فرق «يلائم» بين معظم الأطراف إن لم يكن بينها كلها ويرضي حتى الطيف الجنبلاطي الذي بدأت تتكون ضدّه مجموعة من أطياف أخرى في الطائفة الدرزية الكريمة مستغربة بشدة موقفه من قانون النسبية...

إلى أي مدى هذا «الشغل» ماش فعلاً؟ وما هي قدراته التوفيقية؟ وهل يمكنه أن يصل الى بر الأمان بقانون إنتخاب جديد؟ وهل إن القانون الجديد، أي قانون جديد، «يرضي الجميع»، يكون يرضي العدالة فعلاً؟

لابدّ من الإنتظار اسبوعين على الأكثر ليتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود في هذه العملية الشاقة المحكومة بالضغط الشعبي وضغط المهل القانونية وضغط الوعود والعهود في آن معاً.