يصر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على إقرار قانون إنتخابي جديد، ليس فقط لأن خطاب قسمه تضمن تعهداً واضحاً وصريحاً بطيّ صفحة ​قانون الستين​ المعدّل في الدوحة، وليس فقط لأنه يبحث عن إنجاز إصلاحي يضيفه الى سجله، بل لأن اللبنانيين عموماً والمسيحيين بشكل خاص، هم بأمس الحاجة الى قانون إنتخابي عصري يصحّح التمثيل، ولأن هذا التصحيح في الأساس، لمن لا يعرف، هو أحد أبرز أهداف قدوم الرئيس عون الى الحياة السياسية ورئاسة الجمهورية.

تصحيح التمثيل النيابي الذي يقوم خطاب العهد الرئاسي الجديد عليه، يعرف الرئيس عون وفريقه أن لا يمكن تحقيقه عبر قانون الستين المعدّل مهما خضع هذا الأخير الى عمليات تجميليّة عبر نقل مقعد نيابي أو أكثر من هذه الدائرة الى تلك أو بالعكس، كما أنه لا يمكن أن يتحقق فقط بتحالف إنتخابي مسيحي-مسيحي مهما كانت القاعدة التمثيلية واسعة لهذا التحالف.

وفي هذا السياق، يجزم خبراء الإحصاء والعارفون في إستطلاعات الرأي، بأن تحالف التيار الوطني الحر مع ​القوات اللبنانية​، وعلى رغم تمثيله نسبة مرتفعة جداً داخل الشارع المسيحي، لا يمكنه تصحيح التمثيل النيابي المسيحي الذي أفرزه الستين في دورة العام 2009، والسبب أن القانون النافذ يعتمد نظام التصويت الأكثري الذي يجعل مسيحيي الأطراف غير قادرين على مواجهة محادل الطوائف الأخرى. وفي عملية حسابية سريعة لا يستطيع تحالف التيار والقوات في حال إعتمد قانون الستين، أن يفوز إلا ببعض المقاعد إضافة الى تلك التي تشكل اليوم كتلة القوات وتكتل التغيير والإصلاح. هذه المقاعد الجديدة، يلخص خبراء الإحصاء توزيعها على الشكل التالي: مقعد في البترون (يشغله اليوم النائب بطرس حرب)، 5 مقاعد في بيروت الأولى. ما عدا ذلك يخوض الثنائي المسيحي منفرداً معارك طاحنة في دوائر الكورة والشوف وزحله، لكن نتائجها تبقى غير مضمونة، إذا لم يتحالف الثنائي مع تيار المستقبل في الكورة وزحله، ومع الحزب التقدمي الإشتراكي أو تيار المستقبل في الشوف، وبالتالي، يكون التحالف العوني-القواتي قد حصر إحتمالات فوزه منفرداً في دوائر بشري والبترون وكسروان والمتن الشمالي وبعبدا، وجزين وبيروت الأولى، وهو أمر غير وارد على الإطلاق لا في حسابات رئيس الجمهورية، ولا في حسابات رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. حسابات الرجلين وأعين الرجلين، شاخصة على المقاعد المسيحيّة في عكار وطرابلس والكورة، وبيروت الثانية والثالثة والشوف وعاليه وزحله إضافة الى البقاع الغربي وبعلبك الهرمل. في كل هذه الدوائر، هناك أكثر من عشرين مقعداً مسيحياً موزعين على كتل الطوائف غير المسيحية. مقاعد لا يمكن تحصيلها مسيحياً في ظل قانون الستين وأي قانون إنتخابي آخر غير المعتمد، أكان الذي يعتمد النظام المختلط (النسبي والأكثري) أو ذلك الذي يعتمد التأهيل على مرحلتين، أولى على النظام الأكثري، وثانية على النظام النسبي، يحصّل للمسيحيين مقاعد أكثر من تلك التي يحصلها لهم قانون الستين.

لكل ما تقدّم، يعتبر رئيس الجمهورية أن كل شيء مسموح ومقبول إلا الإنتخابات في ظل قانون الستين.