لا تزال الحرب الدائرة في اليمن من دون أي آفاق سياسيّة، في وقت يسعى المتخاصمون الى مكاسب ميدانية من وقت الى آخر لتسجيل أهداف في مرمى أي حلّ سياسيّ قد يطرح.

في هذا الاطار لا بدّ من سؤال يُطرح، كيف ولماذا نجح الحوثيون في الثلاثين من شهر كانون الثاني الماضي من إصابة بارجة فرنسية الصنع تابعة للأسطول البحري السعودي؟ وهل يبدّل هذا الحدث من قواعد الاشتباك في الحرب اليمنيّة الدائرة منذ اكثر من ثلاث سنوات؟، وما هي الإجراءات التي يمكن لإدارة الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ اتّخاذها حيال هذا الحدث، وكيف سيكون الردّ الإيراني؟

أسئلة طرحتها أوساط سياسية وعسكريّة غربيّة ودوليّة حيال هذا التطور الخطير في الحرب التي يقودها التحالف السعودي في اليمن.

وترى مصادر عسكرية غربيّة وجود تضارب في الروايات حول السلاح او الطريقة التي تمكّن فيها الحوثيون من إصابة هدفهم. ففي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر عسكريّة سعوديّة رسميّة ان الاعتداء على البارجة كان "نتيجة عمل إرهابي نفذته مجموعة تقلّ قاربًا بحريًّا على متنه كميّة من المتفجّرات اصطدم في البارجة"، يُحكى أن الصور التي التقطت في مكان الحادث تؤكّد هذه الرواية.

الحوثيون من جهتهم يؤكّدون ان صاروخًا متقدّمًا اطلق من منطقة تحت سيطرتهم في البحر الأحمر هو الذي اصاب البارجة.

واعترفت السلطات العسكرية السعودية بمقتل اثنين من بحارتها وإصابة ثالث بجروح.

واشارت المصادر الى ان الاعتداء وقع في وضح النهار لان القوات البحرية السعودية تُسيّر دورياتها البحرية نهارا، نظرا لعدم قدرتها على استعمال التقنيات التكونولوجية المتطورة والمعقدة ليلا.

واستغربت المصادر كيف سُمِحَ لقاربٍ بحريٍّ من الاقتراب من البارجة وضربها، في الوقت الذي تحمل مدافع متطوّرة وقادرة على استهداف أي قوّة بحريّة او بريّة معادية.

وذكرت المصادر نفسها أن حادث الثلاثين من كانون الثاني الماضي، سبقه آخر مماثل في الأوّل من تشرين الاول عام 2016 حيث اطلق الحوثيون صاروخا على مركبٍ من صنع أميركي تابع للامارات العربية المتّحدة كان يشارك في العمليات العسكريّة ضمن قوات التحالف، وان الولايات المتحدة الاميركيّة أرسلت تعزيزات بحرية الى منطقة باب المندب لمنع تكرار قصف الحوثيين الصاروخية، واستهدفت آنذاك قواعد رادار لهم بصواريخ هوك، مما أدّى الى ابعاد خطر صواريخهم عن تلك المنطقة.

لكن المصادر العسكريّة ما زالت تعتقد ان الخطر الحوثي لا يزال قائما وان الحصار البحري الذي تفرضه المملكة العربية السعودية على ميناء الحديدة اليمني، يمكن ان يكون تعرض لنكسة، وان ضرب البارجة السعوديّة لا بدّ وأنْ يكون له تداعيات سلبية على الوضع العسكري لقوّات التحالف.

واعتبرت هذه المصادر أن البوارج الحربيّة السعوديّة ستبقى في دائرة الخطر ما لم يتم السيطرة على الساحل البحري اليمني الذي يبلغ طوله حوالي الف كيلومتر.

وتؤكد المصادر العسكريّة الغربيّة في هذا السياق انه على الولايات المتحدة الاميركيّة، ولجعل هذا الخط آمنًا أن تضاعف مساعداتها العسكرية للسعوديّة ولقوات التحالف كي تتمكن من صدّ أي هجوم محتمل من الحوثيين.

ويرى هؤلاء أنّ على واشنطن إضافة الى تعزيز الترسانة العسكريّة السعوديّة، إرسال خبراء عسكريين الى المنطقة لمعرفة مصادر هذه الأسلحة النوعيّة التي تصل الى الحوثيين، كما انها في الوقت نفسه عليها ان تتعامل مع حادثة البارجة بأنّه حافز إضافي لاقناع السعودية بوقف حربها على اليمن والتي تبدو غير قابلة للنجاح.

الى ذلك تنتظر ​ايران​ من جانبها ردّة فعل الرئيس الأميركي الجديد على هذا التطور الخطير في الحرب اليمنيّة لتضع احتمالاتها على الطاولة، وتخطّط لما يمكن ان تقوم به في مضيق هرمز الاستراتيجي عسكريًّا واقتصاديًّا، مع الأخذ في الاعتبار أنّ احتمال تكرار التجربة الصاروخيّة الحوثيّة في هذا المضيق قائمة.