في ظل الحديث المتصاعد حيال قانون للانتخاب، وسط مشهد ضبابي لبعض الأفرقاء الّذين يبدون متسلّطين لحماية مصالحهم الخاصة، وهم على أتمّ الاستعداد لاشعال لبنان من أجل ذلك، يبدو أنّ الجميع ينتظر أمرًا ما لاحداث الصدمة على صعيد ال​قانون الانتخاب​ي المرتقب مع اقتراب المهل الدستوريّة والقانونيّة من النفاذ.

وفي هذا السياق سأل احد النواب وزيرا سياديا عن موعد ادراج التعيينات الإدارية والأمنية في مجلس الوزراء، فكان جواب الوزير بعد صمت وتأمل "اذا بقيت الحكومة".

لكن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري كان سريعا في دحض مثل هذه التوقعات حيث شدد خلال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الحكومي يوم الاربعاء الماضي برئاسته على "انني على خط واحد مع الرئيس العماد ميشال عون وأريد ان اطمئن الغيارى الذين يراهنون على تخريب العلاقة بين أركان الحكم ان شيئا من هذا لا يحصل".

لكن النائب صاحب السؤال لاحظ انه بعد الانتخابات الرئاسية وبعد تشكيل الحكومة لم يقم رئيس المجلس النيابي نبيه بري بزيارة الى القصر الجمهوري، كما ان زيارات الحريري اقتصرت على مواعيد جلسات مجلس الوزراء في القصر الجمهوري، خصوصًا وان رئيس عون قام بزيارات مهمّة الى دول خليجية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية ولم يحصل لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس السلطة التشريعية، للاطلاع من الاول على تفاصيل الزيارة ولقاءاته الثنائية مع العاهل السعودي وامير دولة قطر.

وتعتقد مصادر سياسية بأن مجريات الامور في البلاد اليوم توحي أن التنسيق بين المؤسسات الدستورية الثلاث ضعيف جدا، اذا لم يكن غائبا كليا، لكن التنسيق بين الاجهزة الأمنية كفيل حتى الان بمعالجة الأزمة السياسية القائمة.

ولاحظت هذه المصادر أنّ ما يجري في الكواليس، بين هذه المؤسسات والتي قيل انها عادت الى العمل ليس دقيقا، مشيرة الى انه لو كان هذا الامر صحيحا لما كانت الامور قد وصلت الى ما آلت إليه، ولا كان العماد عون اضطر الى اعلان موقف في مجلس الوزراء صدم رئيس الحكومة واعتبرته مصادر الاخير غير مقبول ويضع البلاد امام ازمة خطيرة من الصعب معالجتها.

وفي حين اعتبرت المصادر قول رئيس الجمهورية انه يفضّل الفراغ على التمديد او اجراء الانتخابات على أساس القانون النافذ، لم يكن كافيا لتحفيز الجميع وعلى رأسهم بري والحريري للقاء الرئيس اقله للتشاور حول الخطوط العريضة، لفتت الى أنه كان على رئيسي المجلس النيابي والحكومة وضع خارطة طريق مشتركة تكون منطلقا لعمل اللجنة الوزارية التي تحاول معالجة الخلاف في وجهات النظر بين القوى السياسية الاساسية حول قانون الانتخاب.

ولاحظت المصادر ان العكس قد حصل، حيث ركز البعض على اتهام "التيار الوطني الحر" مع ما يمثله بالنسبة لرئيس الجمهورية واتهام رئيسه وزير الخارجيّة جبران باسيل أنه وبالتنسيق مع القوات اللبنانية يحاولون تفصيل قانون على مقياسهم بهدف عزل الآخرين، إضافة الى مقولة ان المجلس النيابي الذي اعتبره رئيس الجمهورية بأنه قانوني ولكنه ليس شرعيا، هو سيد نفسه، وان الفراغ في السلطة التشريعية غير وارد.

ولفتت المصادر ان من اهم الاسباب الجوهرية التي توجب التنسيق والتلاقي بين عون، برّي والحريري، هي ان فكرة تشكيل اللجنة الوزارية والأحزاب المتمثّلة فيها، تحمل في طياتها بارود تفجيرها واستحالة اتفاقها، بسبب غياب جزء من المكونات اللبنانية الاخرى، وهي من أشد المعترضين على إقرار قانون جديد للانتخابات، ويفضلون أن تجري حسب القانون الحالي، وهذا كان واضحا ايضا من خلال طرح وزير الداخلية نهاد المشنوق بموافقة تياره السياسي وزعيمه سعد الحريري بتشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، وان كان هذا الامر من ضمن صلاحياته وواجباتها القانونية، قبل الاتفاق على قانون انتخابي وطرحه في جلسة مجلس الوزارء تمهيدا للموافقة على الاعضاء العشرة والتي كانت أسماؤهم في جيبه، بالرغم من ان لقاءه بعون قبل يوم واحد من الجلسة أنتج تفاهما على عدم طرح الموضوع.

ولفتت المصادر أن من الامور التي تدعو الى التساؤل مطالبة رئيس المجلس النيابي بقوله "أعطوني قانونا" وهو كان رعى طاولات حوار خلال الفراغ الرئاسي، ولم تتوصل الى توحيد مواقف جميع الكتل التي شاركت فيه حول قانون جديد للانتخابات، بمعنى انه قادر وهو الاكثر خبرة في استنباط الحلول الصعبة، لكنه لم يحرك ساكنا حتى اللحظة.

من جهة ثانية، تساءلت المصادر عن الاسباب التي تحمل رئيس الجمهورية في لقاءاته اليومية على التشديد بأنه لن يخالف الدستور، وكأنه متخوف من ان البعض ربما يعتقد أنّ مثل هذا الامر يمكن ان يمرّ ضمن تسويات ومحاصصات حصلت في عهود سابقة.

وخلصت المصادر الى انه اذا كان البعض يعتقد من خلال المواقف التي يعلنها في سياق مناقشة قانون الانتخابات الجديد، ووضع العراقيل امام أي تفاهم محتمل، يمكن أن يفرمل انطلاقة العهد، فأنه يلعب ورقة خاسرة.