يُدرك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تماما أن الوقت يسابقه بموضوع ​قانون الانتخاب​. فهو أول المتضررين من فشل على صعيد اقرار قانون جديد خصوصا بعدما رسم خطوطا حمراء تمنع تماما العودة الى قانون الستين أو التمديد مرة جديدة للمجلس النيابي، كما أنّه أول المعنيين بتوجيه البوصلة باعتبار ان كل القوى السياسية تتقن رمي الكرة في ملعبه، اما اقرارا منها بعجز على احداث خرق يُذكر أو سعيا منها لوضعه تحت أمر واقع يُشكل صفعة كبيرة وأولى لعهده، وهو ما يسعى اليه بعضها ليل نهار! لذلك واستدراكا منه لكل ذلك انكب الرئيس وفريق عمله على وضع خطة عمل مُحكمة للتعامل مع الوضع الراهن، وبالتحديد بعد فشل اللجنة الرباعية باتمام مهمتها وتراجع حظوظ القانون المختلط الذي ظن "التيار الوطني الحر" أنّه سيشكل في هذه المرحلة طوق النجاة، علما أنّه سار به على مضض، ما يُحتم ان يلعب رئيس البلاد ورقة جديدة لم يتأخر بكشفها خلال اللقاء الأخير الذي جمعه بوفد من نقابة المحررين في القصر الجمهوري.

ويسوّق الرئيس عون وفريقه حاليا طرح "الاستفتاء الشعبي" لمواجهة أزمة قانون الانتخاب، والفراغ النيابي الذي كان قد لوّح به بوقت سابق. وبحسب مصادر مطلعة فان هذا الاستفتاء لن يطلب من المواطنين تحديد القانون الذي ستجري على اساسه الانتخابات، باعتبار ان الموضوع سيكون معقدا للكثير منهم خصوصا وأنّه غير واضح أصلا لقسم كبير من الطبقة السياسيّة، بل أنّه سيطلب منهم الاجابة على 4 أسئلة من خلال خانات يختارون ما يرونه مناسبا منها. ويتطرق السؤال الاول في الاستفتاء للدائرة التي يتوجب أن تُعتمد في اي قانون مقبل، وما اذا كان لبنان سيكون دائرة واحدة او عدة دوائر، فيما يحدد السؤال الثاني النظام الواجب اعتماده فهل يكون نسبيا أو أكثريا أو مختلطا؟، على ان يجيب المواطنون الذين سيشاركون في الاستفتاء على سؤال ثالث يحدّد عما اذا كانوا يريدون القانون في اطار طائفي أو خارج القيد الطائفي، وصولا لسؤال رابع حول تأييد قيام مجلس شيوخ ومجلس نواب او الابقاء على الاخير وحده؟!.

وتشير المعلومات الى انّه وعلى اساس ما سيصدر عن الاستفتاء، ستتم صياغة القانون الجديد الذي سيعبّر عندها عن نبض الشارع. وتردد أخيرا ان الرئيس عون سيكلّف لجنة مشتركة بين وزارتي العدل والداخلية للعمل على الموضوع، الا انّه لم يتم التأكد ما اذا كان هذا قد حصل فعلا أو انّه سيحصل في المدى المنظور.

وترى المصادر ان الاستفتاء قد يكون المخرج الأخير في ظل "الاستعصاء" الحاصل ووصول كل القوى الى شعور بأنّها حقيقة في مأزق. فلا الرئيس عون بصدد التراجع عن رفض الستين والتمديد ولا تيار "المستقبل" او "الحزب التقدمي الاشتراكي" بصدد السير بقانون يعتمد ولو بجزء منه النسبية نظرا للخسائر المدويّة التي سيصابون بها. وتضيف المصادر: "أما حزب الله فقد اتخّذ قراره بالسير بما يرتأيه الرئيس عون باعتبار ان الخطوط الحمراء للعونيين هي نفسها خطوط حزب الله لجهة الرفض المطلق للعودة الستين او السير بتمديد جديد للمجلس النيابي".

واذا كانت القوى التي تؤيد اجراء الاستفتاء تدرك تماما ان هناك من سيعارضه بشدة لأسباب أو لأخرى، الا أنّها تعول على ان هؤلاء المعارضين سيضطرون بالنهاية للاختيار بين السيّء والأسوأ، والأسوأ في هذه الحالة الوصول الى فراغ نيابي يمهّد لا شك لمؤتمر تأسيسي تجنّبوه بسيرهم بالتسوية الرئاسية، والأرجح سيتجنّبوه مجددا باضطرارهم للسير على مضض بالاستفتاء الشعبي!