عرسال، القرية البقاعية على الحدود اللبنانية-السورية التي لا تزال تعاني أمنياً بسبب تواجد عدد كبير من الارهابيين على حدودها، تشهد اليوم أزمة جديدة تتمثل في انتشار مياه الصرف الصحي في شوارعها بعد اغلاق جميع الممرات إلى جرودها التي كانت تُصرّف فيها المياه المبتذلة، ما أدى الى خلق نوع من الذعر والخوف لدى السكان من الأوبئة والامراض التي قد تولدها هذه المياه في الشوارع.

ووفق معلومات "النشرة"، كان أهالي هذه البلدة، التي بلغ عدد النازحين فيها ثلاثة أضعاف عدد سكانها، يدعون المياه الآسنة تجري في منطقة وادي حميد قبل الحرب السوريّة، وكانت تشهد البلدة مشكلة في الصرف الصحّي. واليوم، وبعد اشتداد أزمة النازحين، ازداد حجم المياه الناتجة عن الكثافة السكانيّة وباتت تنقل تصبّ بشكل كبير في وادي حميد، قبل أن يصدر ​الجيش اللبناني​ قراراً منذ فترة بمنع وصول هذه المياه إلى تلك المنطقة ومنع التوجه إلى هناك بسبب تواجد الإرهابيين فيها.

حينها، تم توجيه هذه المياه إلى منطقة "الرعيان" في البلدة، وهي تحوي منابع المياه العذبة في عرسال، ما أدى إلى احتمال تلوث المياه الجوفيّة للبلدة، اضافة لانتشارها إلى البلدات المجاورة في نحلة واللبوة. وبعد رفع الأهالي في هذه البلدات دعوى قضائية ضد هذه الأعمال الملوثة، منع الجيش تصريفها في منطقة "الرعيان". وبعد اغلاق كل الأماكن المحيطة بالبلدة، قامت بعض المنظمات المعنيّة بشؤون النازحين السوريين بتصريف قرابة المليون ليتر من المياه الآسنة في شوارع البلدة، ما أدى الى خلق وضع بيئي مذرٍ وانتشار الأمراض لدى الأطفال وسكان البلدة.

في هذا السياق نشطت بعض الجمعيات المدنية والأهلية في البلدة للمطالبة باقامة معمل لتكرير مياه الصرف الصحي ما سيخفّف نسبة التلوث، وايجاد حلول بديلة ريثما يتم بناء هذه المعامل، متسائلة "ان اولى اهتمامتنا هو حماية البلدة من الارهاب، لكن أليس المطلوب منّا أيضا حمايتها من التلوث والأوبئة"؟.

في هذا السياق، يؤكد رئيس ​بلدية عرسال​ ​باسل الحجيري​، في حديث مع "النشرة"، أن "البلدة تعاني حالياً من أزمة مياه الصرف الصحي"، مشدداً على أن "الجيش اللبناني يتجاوب مع مطالبنا ووعدتنا قيادة الجيش ورئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير بايجاد حلول طبيعية لانقاذنا من هذه الأزمة".

ويلفت الحجيري إلى "اننا لمسنا تجاوباً من الجيش اللبناني الذي أبدى حرصه على مساعدة الأهالي، علماً أن للجيش حسابات أمنيّة يجب احترامها ومراعاتها بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها البلدة"، مضيفاً "لم يتمّ التواصل مع الحكومة أو وزارة الداخلية حول هذا الموضوع، الا أن اللواء خير وعدنا بالمساعدة قدر المستطاع".

ويشدد الحجيري على ان "الحلول لهذه الأزمة ممكنة ونحن على بعد يوم أو يومين من الحلّ اذا تم تنفيذ الوعود التي قُدِّمت الينا وللبلدة، ونحن نمرّ على طابور الحل".

في المحصلة، تنتظر هذه البلدة تجاوب الدولة معها لانقاذها من أزمة صحية وبيئية كبيرة، بعد أن تم انتشالها من قعر أزمة أمنيّة بعد طرد الارهابيين من داخلها، وحماية حدودها من مخاطرهم.