لا يبدو حزب الله مطمئنا على الاطلاق لانطلاقة عهد الرئيس الأميركي الجديد ​دونالد ترامب​، ولعله بدأ باكرا جدا بـ"الترحم" على ايام باراك اوباما وسياسة "الانكفاء" التي انتهجها وبخاصة في نهاية عهده.

في هذا الاطار، تصف مصادر مطلعة على أجواء الحزب الصورة بشكل عام في المنطقة بـ"القاتمة"، لا بل تذهب أبعد من ذلك باعتبار أنّ ترامب ينفذ سياسة اسرائيل، وينصرف وفريق عمله لوضع سياسات وخطط تلبي الطموحات الاسرائيلية ان كان في اسرائيل، فلسطين، سوريا، العراق، اليمن أو حتى في لبنان.

ويعكس السجال ال​ايران​ي–الأميركي المستجد والذي ما لبث أن تحول الى عراضات للقوّة في اليمن، ما ينتظر المنطقة من تصعيد ظنّت أنها تجاوزته في مراحل سابقة، وبالتحديد بعد توقيع الاتفاق النووي مع طهران، وما تلاه من هدنة على مستوى الصراع الأميركي–الايراني. "الا أنّه ومع استلام ترامب مقاليد الحكم وافتتاح عهده بقرار واضح لا لبس فيه بالسعي للحدّ من الدور الايراني المتعاظم في المنطقة، لن يكون لبنان بمنأى عن الخطط الأميركية التي تنشغل الادارة الجديدة بوضع اللمسات الأخيرة عليها"، هذا ما تؤكده المصادر التي تتحدث عن استعدادات حزب الله للتعامل مع كل السيناريوهات المطروحة وكل الخيارات المتاحة، وبخاصة بعد ما نقل عن مسؤولين أميركيين نيّة ترامب "اخراج الايرانيين وعناصر حزب الله من سوريا".

ولعل أخطر ما تم التداول به مؤخرا، بحسب المصادر، خريطة أميركية حديثة لتوزيع المناطق الآمنة في سوريا تمهيدا لعملية تقسيم واسعة تستحوذ واشنطن من خلالها على 3 مناطق كبرى، 2 منها في الشمال، الأولى تتولاها أنقرة عبر قوات "درع الفرات"، والثانية أنشئت منذ فترة ويتولاها الأكراد الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية في سوريا. أما المنطقة الثالثة ستكون في الجنوب وبالتحديد في السويداء، مقابل منطقة نفوذ روسي على الساحل السوري. وتضيف المصادر: "حتى الساعة لم نتمكن من رصد موقف موسكو الحقيقي مما يتم الاعداد له، وما اذا كانت غير متيقنة بعد لما يتم التحضير له ام أنّها شريكة في الخطة الأميركية الجديدة".

من جهتها، تتعاطى المعارضة السورية بالكثير من الحذر مع الادارة الأميركية الحاليّة، خصوصًا وأن الأخيرة لم تفتح معها بعد أي قناة اتصال، بما يوحي بقرار ترامب الابقاء على حلفاء أميركا الاستراتيجيين في الداخل السوري، والذين أثبتوا فعاليتهم في مواجهة تنظيم "داعش" الا وهم "قوات سوريا الديمقراطية"، على ان يكون الجهد الأساسي في المرحلة المقبلة مرتكزا على زيادة العناصر العربية في صفوف هذه القوات التي يغلب عليها الأكراد، ما يثير استياء عارما في أنقرة كما في دول عربية متعددة.

ولعله وبعكس ما رجّح الكثير من المراقبين، فان عودة واشنطن وبقوة الى منطقة الشرق الأوسط، ان كان من بوابة تشريع الاستيطان في اسرائيل والعمل على نقل السفارة الأميركية الى القدس، او من بوابة التحضير لتدخل عسكري في اليمن، يكون ميدان المواجهة المباشرة الأولى بين ​الولايات المتحدة​ الاميركية وايران، او من البوابة السورية بالتعاون والتنسيق مع موسكو، تؤشر الى اننا دخلنا عمليا مرحلة من الصدامات لعلها ستكون أشرس من التي طبعت السنوات القليلة الماضية، بعد سقوط اللغة الدبلوماسية الأميركية وانطلاق اللعب على المكشوف!