لم يكن مفاجئا لتيار "المستقبل" خروج الوزير السابق ​أشرف ريفي​ يوم أمس ليطلق ماكينته الانتخابية في مدينة طرابلس ويتوعّد بخوض المواجهة في المنية وعكار والبقاع الغربي والأوسط وبيروت كما الاقليم. فالتيار الأزرق، وان كان يترقب تأجيلا تقنيا محسوما للانتخابات وبخاصة مع اصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على اقرار قانون جديد بديل عن الستين، بدأ يتحضر تماما كما معظم الأحزاب اللبنانية للاستحقاق المقبل وان كانت حساباته الانتخابية تختلف تماما بحسب القانون الذي سيتم على أساسه دعوة الهيئات الناخبة. في العام 2017، يغيب المال الانتخابي تماما عن حسابات رئيس الحكومة الشاب سعد الحريري الذي يعاني ما يعانيه على الصعيد المالي. هو يعول على شبكة تحالفات واسعة نسجها في المرحلة الماضية ستسنده في الاستحقاق المقبل، وان كان لم يقطع الأمل تماما من دعم خارجي يصل عشية الاستحقاق يساهم باستنهاض قواعده الشعبية.

ولا يجد الجمهور الأزرق دافعا يجعله يتوجّه بعد بضعة أشهر الى صناديق الاقتراع، نظرا الى ان كمّ الاحباط المسيطر عليه منذ قرار رئيسه انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية لم يتلاش بعد. الا أنّه وفي الوقت عينه لا يعبّر عن أيّ حماسة لاختيار بديل عن الحريري وبخاصة ان الخيارات الأخرى المتاحة لا تبدو مغرية للجمهور المحبط.

وبمسعى منها لتفادي خسارة مدوّية أخرى لن تكون عواقبها عابرة، تتعاطى قيادة "تيار المستقبل" بكثير من الرويّة والحذر مع ملف ​قانون الانتخاب​، فلا ترفع سقفها كثيرا كما فعل رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​، لاقتناعها بأن النسبيّة، شاءت أم أبت، ستكون جزءا من أي قانون مقبل، سواء حلّت كاملة أو جزئية، لذلك تنصرف ماكينتها الانتخابية للاستعداد لأسوأ السيناريوهات بمحاولة للحد من الخسارات المتوقعة.

وبحسب مصادر قيادية في "المستقبل"، يعوّل التيار الأزرق على تحالفاته السياسية التي تبدو هذه المرة أوسع من اي وقت مضى، لافنة الى أنّه "وباستثناء حزب الله، نعتقد اننا سنتحالف مع معظم الفرقاء الآخرين، على ان تختلف هذه التحالفات بين منطقة وأخرى". وتضيف المصادر: "لن نخوض مواجهات معروفة النتائج مسبقا لتسجيل موقف، ولن نتردد بوضع يدنا بيد أي مجموعة لضمان حصولنا على اكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية. أليس هذا حقنا الطبيعي وهدف اللعبة الانتخابية برمتها"؟. ولا تستبعد المصادر أن تكون البلاد تشهد في الاسابيع المقبلة على تحولات كبيرة لا تقتصر على قانون الانتخاب بل تطال أسس النظام اللبناني ككل، مع بدء الترويج بجديّة لطرح انشاء مجلس شيوخ، فيتم بذلك ارضاء الزعيم الدرزي بتسليمه رئاسته، والأهم تسجيل انتصار كبير في انطلاقة العهد للرئيس العماد ميشال عون يكمن باتمام التغيير الكبير المنتظر بوضع حد للطائفية السياسية والانتقال بالبلد الى مآل الدول المتطورة، وهو بدون أدنى شك لا تعارضه أي مجموعة او حزب او تيار.

وبعكس كل ما أشيع في المرحلة السابقة عن حراك لبناني داخلي أنجز الانتخابات الرئاسية وعملية تشكيل الحكومة، تستمر مفاعيل التسوية الاقليمية-الدولية التي ساهمت باتمام الاستحقاقات السابق ذكرها، وقد تم تفعيلها مؤخرا لتنسحب على ملف قانون الانتخاب. وليست زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان المستمرة منذ 6 أيام الا مؤشرا واضحا في هذا المجال.