لا يمكن أن تمر دعوة وزير الخارجية الروسي ​سيرغي لافروف​ الولايات المتحدة الأميركية إلى الإعتراف بأن "حزب الله" يحارب تنظيم "داعش" الإرهابي، في ظل ما يجري في المنطقة من تحولات، مرور الكرام، لا سيما أن الحزب مصنف من قبل واشنطن على لائحة المنظمات "الإرهابية".

على هذا الصعيد، لا يمكن تجاهل وقائع الميدان السوري، بعد مرور ما يقارب ستّ سنوات على الحرب، حيث تحول الحزب من فريق محلّي على المستوى اللبناني إلى لاعب على المستوى الإقليمي، يشارك بصورة مباشرة أو غير مباشرة في صياغة مستقبل المنطقة، في حين باتت بوصلة الأحداث تتجه نحو محاربة التنظيمات الإرهابيّة، التي تنامت بشكل لافت إنطلاقاً من هذه الحرب وباتت تهدد مختلف دول العالم، بينما العديد من القوى الإقليمية والدولية تسعى إلى حجز موقع لها في المشهد العام إنطلاقاً من هذه البوصلة الجديدة.

في هذا السياق، ينبغي التأكيد على أن النظرة الأميركية إلى الحزب لا يمكن أن تشهد أي تغيير في المدى المنظور، خصوصاً مع إنتخاب ​دونالد ترامب​ رئيساً للولايات المتحدة، نظراً إلى أن الملياردير المثير للجدل يضع مواجهة طهران على رأس قائمة أولوياته، وهو لا يمكن أن يخرج من دائرة الرغبات الإسرائيلية في هذا المجال، وبالتالي لا يمكن أن يقدّم مثل هذه "الخدمة" إلى الحزب الذي وصفه أمينه العام السيد حسن نصرالله قبل ايام بـ"الأحمق".

بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل التحول في التعامل مع الحزب من قبل غالبيّة الدول العربية، التي باتت لا تتردد في الإشتراك مع واشطن وتل أبيب في النظرة اليه، من حيث تصنيفه منظمة "إرهابية"، بعد أن كان السيد نصرالله ملهماً لجماهير هذه الدول، من خلال الإنتصارات التي حققها الحزب في المواجهات مع الجيش الإسرائيلي.

إنطلاقاً من هذا الواقع، فإن أقصى ما يمكن توقعه من قبل ترامب، في المرحلة المقبلة، هو تجاهل الدور الإقليمي الذي يقوم به الحزب على مستوى المنطقة، تماماً كما هو الحال مع القوى اللبنانية التي كانت تضع عودته إلى الداخل شرطاً أساسياً لإبرام أي تسوية داخلية، في حين من المتوقع أن يمارس حلفاء الرئيس الأميركي ضغوطاً كبيرة لدفعه نحو التصعيد، نظراً إلى أن ما يقوم به الحزب يضرب مصالحهم المباشرة.

ضمن هذا الإطار ينبغي وضع كلام وزير الخارجية الروسي عن الحزب، لا سيما بعد أن شهدت الساحة السوريّة تنسيقاً مباشراً غير مسبوق بين الجانبين على المستوى العسكري، فالحزب يشارك مع ضباط الجيش الروسي في غرف عمليات مشتركة، ويخوض معهم العديد من المعارك في مواجهة الجماعات المتطرفة، في سياق دورهما في مساعدة الجيش السوري على إستعادة زمام المبادرة، واليوم تقدم موسكو ضمانة دبلوماسيّة لا يمكن تجاوزها من خلال الإصرار على دوره في محاربة الإرهاب، من دون أن يعني ذلك الإنتقال إلى مرحلة تقديم السلاح له مباشرة، لا سيما أن لافروف تحدّث عن ان بلاده ترفض بشكل قاطع انتهاك شروط الاتفاقات، التي لا تسمح للبلد المستورد للسلاح الروسي بتسليمها لأي جهة أخرى من دون موافقتها، داعياً إسرائيل إلى أن تقدم دليلاً حول مزاعمها بوصول سلاح روسي الى الحزب.

في المحصلة، يحتاج "حزب الله" إلى هذه الضمانة في الوقت الراهن، بسبب الهجمة التي يتعرّض لها على أكثر من صعيد، في ظلّ عدم الإتفاق على مفهوم أو تعريف واحد للإرهاب، بوقت تدرك موسكو جيداً بأن لديها مصالح مع الحزب الذي بات لاعباً أساسياً على مستوى المنطقة.