لا ينفك رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد حنبلاط عن المطالبة بتطبيق ​إتفاق الطائف​ كاملاً. مطالبة أنتجتها الأزمة التي يعاني منها الزعيم الدرزي بسبب المناقشات القائمة بين الأفرقاء السياسيين بحثاً عن قانون جديد للإنتخابات بدلاً من قانون الستين الذي عُدّل في الدوحة. لكن مطالبة جنبلاط هذه بتطبيق الطائف ظناً منه بأنها تنقذه إنتخابياً، قد لا تكن إلا من باب الهروب الى الأمام، لأن التدقيق بالأرقام وبنصوص الطائف، يؤكد أن تطبيق هذا الإتفاق اليوم وإجراء الإنتخابات على أساسه، سيلحق بالحزب التقدمي الإشتراكي خسارة مدوية لم يشهدها البيت السياسي الجنبلاطي منذ دخوله المعترك السياسي وحتى اليوم.

نعم خسارة مدوّية لأن الطائف في الفقرة المتعلقة بقانون الإنتخاب، كان واضحاً لناحية إعتماد المحافظة كدائرة إنتخابية، المحافظة آنذاك، أي المحافظات الخمس التاريخية، أي الشمال، جبل لبنان، بيروت، الجنوب والبقاع.

وبما أن النسبية في زمن الطائف لم تكن مطروحة، كما أن نص الإتفاق لم يأت على ذكرها على إعتبار أن كل الدورات الإنتخابية التي سبقته أجريت على أساس النطام الأكثري، فيلك يعني أن تطبيق الطائف إنتخابياً يفرض إجراء الإنتخابات النيابية على أساس المحافظات الخمس كدوائر إنتخابية وبنظام إقتراع أكثري، بعيداً كل البعد عما ورد في فقرة الإصلاحات الأخرى -أ- اللامركزية الإدارية من الإتفاق، التي تحدثت عن إعادة النظر في التقسيم الإداري لتأمين الإنصهار الوطني كل ذلك من الناحية الإدارية لا الإنتخابية.

لكل ما تقدم إذا تم تطبيق نص الطائف وأجريت الإنتخابات في المحافظات الخمس كدوائر إنتخابية وبتصويت أكثري، يتبين من خلال دراسة أجرتها "الدولية للمعلومات"، أن النائب جنبلاط لا يستطيع أن يفوز ولو بمقعد نيابي واحد، ما قد ينهي حياته السياسية.

وفي الأرقام، عدد الناخبين في محافظة جبل لبنان التي تضم 35 مقعداً، هو 834767 ناخباً، يتوزعون بين 526348 مسيحياً، مقابل 161093 درزياً فقط، 75019 سنياً، 71963 شيعياً، 261 علوياً 69 إسرائيلي و14 لا ديني. وفي الأرقام أيضاً، نسبة الناخبين المسيحيين في جبل لبنان تصل الى 63% ما يعني أن الأحزاب المسيحية يمكنها حسم هوية اللائحة الفائزة مسبقاً قبل فتح صناديق الإقتراع، وبالتالي سيفقد جنبلاط قدرة التحكم بدائرتي الشوف وعاليه، حيث الثقل الإنتخابي الدرزي، وسيفقد أي أمل بالفوز بمقعد بعبدا الدرزي الذي يطمح بأن يشغله وزيره في الحكومة أيمن شقير، كذلك الأمر بالنسبة الى المقاعد الدرزية المتبقية:

في الجنوب (مقعد درزي) 852274 ناخباً، بينهم 607904 من الشيعة أي ما يوازي نسبة 71%، 129305 من المسيحيين، 98270 سنياً، مقابل 16784 درزياً و7 ناخبين علويين و4 اسرائيليين.

في البقاع (مقعد درزي) 611819 ناخباً، بينهم 268785 شيعياً أي 44% من الناخبين، و166816 ناخباً مسيحياً، و154815 سنياً مقابل 21237 ناخباً درزياً فقط، 74 اسرائيلي و علويا.

في بيروت (مقعد درزي) 476021 ناخباً، بينهم 225050 ناخباً سنياً أي بنسبة 47%‏ من إجمالي الناخبين، 167641 مسيحياً، 72721 شيعياً، مقابل 5714 ناخباً درزياً فقط، 4653 اسرائيلي و من العلويين.

في الشمال (لا مقاعد للدروز) عدد الناخبين 850005، السنة 480866 ناخباً أي بنسبة 56%‏، المسيحيون، 330005 ، الشيعة 5996 ناخباً، العلويون 33082 ناخباً، 37 اسرائيلي والدروز 19 ناخباً.

أمام هذه الأرقام، التي تعطي التحالف الأقوى مسيحياً 35 نائباً في جبل لبنان، والتحالف الأقوى شيعياً 46 نائباً في الجنوب والبقاع، والتحالف الأقوى سنياً نائباً في بيروت والشمال، هذا إذا أبقي عدد النواب 128 ولم يخفض الى 108 بحسب الطائف، هل يعيد جنبلاط النظر بطرحه حيال تطبيق إتفاق الطائف أم أن طرحه هذا لم يكن جدياً أساساً ومن باب التخبط الإنتخابي فقط؟