في العام 1988 أراد الأخوان ميقاتي، طه ونجيب، "تحقيق رفاه الإنسان عبر الرعاية والتنمية الاجتماعية"، فقررا لأجل ذلك إنشاء جمعية إجتماعية وأطلقا عليها إسم "العزم والسعادة" تيمنا بإسمي والدهما. نجحت الجمعيّة أو ​تيار العزم​ كما يُحب الطرابلسيون تسميتها بتحقيق إنجازات "إجتماعية" كبيرة في جوانب حياتيّة متعددة، ولكن "الطموح" السياسي جعل ​نجيب ميقاتي​ يطرق باب الوزارة عام 1998، وبوابة "النيابة" عام 2000، واعتلاء كرسي رئاسة الحكومة عام 2005، فهل هذا يعني أن الوقت قد حان لتحويل "الجمعية الاجتماعية" الى حزب سياسي؟!.

علمت "النشرة" من مصادر خاصة أن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي قد اطلق ورشة عمل لتحويل تيار العزم الى حزب، وان الهيكليّة التي يُعمل عليها تشبه الى حد بعيد هيكلية حزب الله وحركة امل والحزب الشيوعي اللبناني، مشيرة الى ان الخيار الأوفر حظا للاعتماد عليه هو "هيكلية مختلطة بين الأحزاب الثلاثة".

رغم نفي القيادي في "العزم" مصطفى آغا نيّة التيار التقدم بطلب الترخيص لحزب سياسي في الفترة المقبلة، يكشف في حديث لـ"النشرة" عن صحّة الحديث عن تطوير"هيكلة" التيار وتوزيع ادوار جديدة. ويضيف: "يملك تيار "العزم" بشكل أو بآخر بنية شبيهة الى حد كبير ببنية باقي الاحزاب، وبالتالي فلا داعي لتحويل التيار الى حزب لممارسة العمل السياسي"، كاشفا أن الفترة المقبلة قد تشهد وجود مكتب سياسي، ومكاتب للمناطق التي يتواجد فيها "العزم" خارج طرابلس.

لا يختلف إثنان على أن التيار المذكور حقق عبر السنين تقدّما ملموسا في العمل السياسي، فبعد الخطوة السياسية الأولى لميقاتي عام 1998 واستلامه وزارة الاشغال العامة والنقل في حكومة سليم حص، استطاع ان يصل الى منصب رئاسة الحكومة عام 2005، وأصبح اليوم يخوض المعارك النيابية والبلدية والنقابية على مستوى طرابلس والشمال. وهنا يشدد آغا على أن التيار راكم عمله السياسي طوال 19 عاما، ولكنه في الفترة الماضية كان ناشطا أكثر في مجال الخدمات الاجتماعية في أكثر من مكان في الشمال وبيروت، وهذا ما لم يكن كافيا للقول أن التيار كفريق سياسي يتواجد في هذه المناطق، مشيرا الى أن المرحلة الماضية ثبّتت نهج ميقاتي القائم على الوسطية والاعتدال، وأصبح للتيار فكرا سياسيا واضحا جعله يستقطب أصحاب نفس الفكر الذين ابدوا رغبتهم بالعمل السياسي ضمن عباءة تيار العزم.

يكشف آغا أن انتشار التيار بدأ في النقابات، ففي إحداها شهد عدد الأعضاء تقدما بلغ مئة في المئة خلال فترة 4 أعوام، ونجح في ايصال نقيب محسوب عليه، لافتا النظر الى خطاب الوسطية والاعتدال الّذي خلق مساحة للمؤمنين فيه للعمل السياسي، فانتشر "العزم" كتيار سياسي في الشمال اللبناني، وهذا ما جعلنا نعمل لتطوير بنيته. وتقول المصادر الخاصة بـ"النشرة" أن تيار العزم يملك فريقا سياسيّا يجتمع باستمرار ويقدم توصياته لميقاتي وفيه توزع الملفات وتسلّم المهام، ومن الممكن قريبا أن يكشف رئيس الحكومة السابق عن هذا الفريق بعد اعطائه صفة "المكتب"، ما يجعله شبيها بالمكاتب السياسية للأحزاب.

ماذا عن الانتخابات النيابية؟

لا شك أن العمل السياسي يُتوج بالانتخابات، وان طرابلس قد فقدت في الآونة الاخيرة "زعيمها السياسي"، ففي عاصمة الشمال قوى متنافسة تسعى من خلال الانتخابات المقبلة أن تحجز لها مقعدا في المجلس النيابي. وفي هذا الإطار تكشف المصادر أن التوجه لدى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي هو لتشكيل لائحة "العزم" المستقلة التي ستخوض الانتخابات النيابية لإظهار الحجم الحقيقي لتياره في طرابلس والضنية، بينما سيكون داعما لأحد مرشحي عكار.

لم يخفِ آغا توجه ميقاتي نحو لائحة مستقلّة، مشيرا في الوقت نفسه الى أن باب التحالفات لم يُقفل ومن الممكن أن يكون الوزير السابق فيصل كرامي الى جانب ميقاتي. أما بالنسبة لأسباب هذا التوجّه فيكشف آغا أن سببين رئيسيين أوصلا ميقاتي الى هذا الخيار، فالأول هو أن "تجربة الانتخابات البلديّة الأخيرة أظهرت ان التحالف مع تيار "المستقبل" قد جمع السلبيات وليس الايجابيات"، والثاني هو "الرغبة الكبيرة لدى كوادر تيار العزم بخوض الانتخابات بشكل مستقلّ لاظهار حجمه الحقيقي".

لم تعد السياسة همّا جانبيا لتيار "العزم" أو محصورة برئيسه نجيب ميقاتي، فبعد النجاح في الجوانب الاجتماعيّة والصحيّة، دخل "التيار" بكافّة منتسبيه عالم السياسة باندفاعة كبيرة، والامتحان الأول: الانتخابات النيابية المقبلة.