ماذا يعني قول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن هذه الحكومة ليست حكومة العهد الأولى؟ وهل الانتخابات النيابيّة المقبلة ستفرز مجلساً نيابياً جديداً يعزّز توجه عون في التغيير والإصلاح، ووضع أسس النظام الذي يراه خشبة خلاص لبنان من كل معاناته الداخلية والإقليمية؟

يقول أحد نواب تكتل "التغيير والإصلاح" أن مسيرة الجنرال السياسية، وقبل وصوله الى سدة الرئاسة واجهت موقفاً حرجاً جداً، اذ أنه كان شريكاً في الحكم منذ عودته من المنفى بهدف الإصلاح، لكنه ولأسباب عديدة لم يتمكن من تحقيق ما يصبو اليه، كما أنه لم يتمكن من الدخول في نادي الزعماء الذين أداروا دفة الحرب وكانوا جزءًا من دستور الطائف، ولكن التفوا على هذا الدستور ولم يطبقوه، مما أوصل البلاد الى ما وصلت اليه اليوم من فساد ونزاعات حول ملفّات داخلية كثيرة، وحول قضايا إقليمية خطيرة لم تشهدها دول المنطقة منذ استقلالها.

ورأت مصادر سياسية أنّ النقاشات الدائرة حالياً حول ​قانون الانتخاب​، بعد حصول اجماع سياسي من كل الكتل النيابية على أنّ قانون الستين لم يعد صالحاً، وإصرار رئيس الجمهورية على قانون جديد للانتخابات، وضبابية عدد من القوى الفاعلة حول نواياها غير المعلنة والتي تصب في خانة الإبقاء على القانون الحالي، هي جوهر الصراع بين سيد القصر وباقي القوى السياسية.

وتعتقد هذه المصادر أن تركيز الموفدين الإقليميين والدوليين والعرب الذين التقوا رئيس الجمهورية مؤخرا بدءًا من زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان وصولاً الى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي روبرت كوركر جونيور، على ماهية وصورة القانون الجديد للانتخابات، إنما يعكس اهتماما بالغاً من قبل هذه الدول لمعرفة التوجّهات السياسية الجديدة للبنان في عهد العماد ميشال عون .

وأكدت المصادر أن رئيس الجمهورية أبلغ الجميع بأن "المعركة السياسية اليوم هي معركة التغيير، ركنها الأساسي هو قانون الانتخاب، وسنبذل قصارى جهدنا لبلوغ الهدف الذي وضعناه نصب أعيننا، وهو تمثيل جميع اللبنانيين في الندوة البرلمانية تمثيلاً عادلاً بحيث لا يعتمد أي قانون يسحق الأقليات بين الطوائف وفي داخلها".

وأصبح من الواضح وبحسب هذه المصادر أن التغيير في نظرة قصر بعبدا الى الملفات الإقليمية وخصوصًا الصراع مع اسرائيل، قد ظهر جليا من خلال رد الرئيس ميشال عون على مندوب اسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون، والذي أكد حق لبنان في الدفاع عن نفسه وتحرير أراضيه التي تحتلها اسرائيل، لا سيّما وان مثل هذا الموقف لم يصدر عن أي رئيس للجمهورية منذ اتفاق الطائف .

اضافة الى ذلك كان هناك تأكيد من العماد ميشال عون لكل الموفدين العرب والأجانب وخلال زياراته الأخيرة الى عدد من الدول العربية أن سلاح "حزب الله" لن يستخدم في الداخل اللبناني .

ولاحظت المصادر، أن هذا النموذج من التعاطي بالملفات الكبرى من قبل رئيس الجمهورية، سيمتد الى الملفات الداخلية في محاربة الفساد وانتظام عمل المؤسسات، وهذا الأمر يتطلب حكومة منسجمة مع أهداف الرئاسة الأولى، والتي لا بد وان تبصر النور بعد الانتخابات النيابية المرتقبة .

وتخوّفت المصادر نفسها، من أن غياب التوافق وضمن المهل القانونية التي أصبحت معروفة، وهي أواخر شهر حزيران المقبل، على قانون جديد للانتخابات يؤمّن التمثيل العادل لجميع شرائح الشعب اللبناني، ويمهد لولادة حكومة العهد الأولى، يمكن أن يضع لبنان أمام استحقاقات أخرى، سيكون من الصعب جداً على أي فريق معالجتها دون تعريض البلاد الى أزمات سياسية ودستورية وقانونية خطيرة.

وأملت المصادر الا تكون ظاهرة عدم قيام كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري بزيارة القصر الجمهوري للتشاور مع رئيس الجمهورية، كما كان يحصل مع الرؤساء السابقين، يحمل في طياته خلفيّات سلبيّة.

وخلصت المصادر الى الاعتقاد بأن الحكومة لا بدّ وان تعقد جلسات متتالية برئاسة رئيس الجمهورية لتقر في النهاية وقبل شهر حزيران المقبل قانوناً انتخابياً يؤمن ما يصبو اليه الجميع، عدم تهميش أي شريحة من شرائح الوطن وينتج حكومة تستطيع التغيير والنهوض بلبنان.