في زمن البحث عن قانون الإنتخاب المنتظر، وفي زمن كل لحظة تمر فيه تحمل معها مزيداً من الضغط على الأفرقاء بسبب إقتراب المواعيد القانونية والمهل التي تفرض إجراء الإنتخابات، يشكل رمي الإتهامات على الآخرين بالتعطيل وعدم تسهيل ولادة القانون الجديد المهمة الأسهل بالنسبة الى بعض الأفرقاء السياسيين، كل ذلك سببه إعتقاد قائم لدى رماة الإتهامات بأن ما يقومون به يخفف عليهم من ضغط الشارع، ويوزّع مسؤولية الفشل في حال وقوعه على أكثر من فريق سياسي.

هذا ما يتعرض له حزب الله في مشاورات قانون الإنتخاب الجديد تارةً من قبل تيار المستقبل وطورًا من بعض حلفاء التيار الأزرق، وهو أكثر ما يثير إستغراب قيادة الحزب.

"فاتهام الحزب بتعطيل الوصول الى قانون بدلاً من قانون الستين المعدّل في الدوحة، هو أكثر ما يثير إستغراب القيادة" تقول مصادر نيابية بارزة في ​كتلة الوفاء للمقاومة​، وتضيف "نحن آخر فريق يمكن أن يُسأل عما يمكن أن يحققه من هذا القانون أو ذاك، من الستين أو من المختلط، من التأهيلي أو من النسبية الكاملة، من مشروع حكومة نجيب ميقاتي أو من الاقتراح الأرثوذوكسي". وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن الحزب أجرى سلسلة من إستطلاعات الرأي، وكلّف مجموعة من الخبراء المنتمين اليه والمقربين منه، بدراسة كل القوانين المطروحة على طاولة البحث، ليتبيّن بنتيجتها أن كتلة الثنائي الشيعي (كتلة الثنائي اليوم مؤلفة من 27 نائباً)، أي الحزب وحركة أمل، التي ستفرزها صناديق الإقتراع، ستتراوح بين 28 نائباً في حدّها الأدنى، و32 أو 33 نائباً في حدّها الأقصى، مهما كان شكل القانون ونظام اقتراعه (أكثري، نسبي أو مختلط) وكيفما توزعت دوائره ومقاعدها النيابية. إنطلاقاً مما تقدم، ليس في محله إتهام الحزب بالوقوف بوجه هذه الصيغة الإنتخابية أو تلك إنطلاقاً من حسابات الربح والخسارة، فهو الوحيد القادر على حسم النتيجة لصالح لوائحه مهما كان شكل القانون.

من الأمور التي يستغربها أيضًا نواب الوفاء للمقاومة عند سماعها، هو الإتهام القائل بأن النسبيّة التي يصرّ الحزب على إعتمادها كي يكون القانون الإنتخابي عصرياً، تجعل دوائر نفوذ الحزب مقفلة انتخابياً على أي من خصومه، أما الحقيقة وبحسب علم الانتخابات والأرقام، فهي أن النسبية تشكل النظام التصويتي الوحيد الذي يسمح لمعارضي حزب الله وحركة أمل بتحقيق خرق إنتخابي في دائرة محسوبة على الثنائي الشيعي، بينما تقطع الأنظمة الأكثرية الطريق أمام أي خرق يمكن أن يحققه المعارضون للوائح تحالف الحزب والحركة.

وتنهي المصادر بالقول، "مردودة هي كل الإتهامات التي يحاول البعض توجيهها لحزب الله بهدف تغطية الخسارات الشعبية والسياسية التي مني بها نتيجة سياساته ورهاناته التي لم تكن في محلها خلال السنوات الماضية، وإذا كان الحزب يصر على النسبية، فلأنها تعطي كل صاحب حق حقه، على رغم ذلك، لا تغلق قيادته الباب أمام التفاوض على القانون المختلط شرط أن تعتمد الصيغة المطروحة معياراً واحداً، بعيداً كل البعد عن الإستنسابية ومراعاة البعض".