على الرغم من نفي "الإعلام الحربي" حُصول أيّ ضربات صاروخيّة إسرائيلية جديدة في الداخل السوري، وعلى الرغم من عدم تعليق السُلطات الإسرائيليّة-كما تفعل في كثير من الأحيان، سلبًا أم إيجابًا على التقارير الإعلاميّة التي تحدّثت عن قصف إستهدف مواقع عسكريّة في سلسلة جبال بلدة القطيفة(1) التي تتبع لمنطقة ​القلمون​ الشرقي في ريف دمشق فجر الأربعاء الماضي، فإنّ إحتمال حُصول هذه الضربات كبير. وفي هذا السياق، يُمكن تعداد المُؤشّرات التالية:

أوًلاً: صحيح أنّ أيّ طائرات إسرائيليّة لم تدخل الأجواء السوريّة بالتزامن مع توقيت القصف، إلا أنّ تحليقًا كثيفًا سُجّل في حينه فوق مناطق البقاع ال​لبنان​ي، مع التذكير أنّ الطيران الإسرائيلي نفّذ في السابق ضربات عدّة ضُد أهداف في العمق السوري من داخل الأجواء اللبنانيّة أو من أجواء الجولان السوري المُحتلّ، كان آخرها ضربة صاروخيّة إستهدفت مخازن ذخيرة وشحنات أسلحة في مستوعبات مطار المزّة في 13 كانون الثاني الماضي.

ثانيًا: سمع سُكّان مناطق حدوديّة في لبنان وسوريا دويّ إنفجارات مُتلاحقة، وإن كانت شهادات المَدنيّين حملت تضاربًا في عدد الإنفجارات، حيث قال البعض إنّها أربعة والبعض الآخر إنها ستة، ربّما بسبب تباين الموقع الجغرافي لكل منهم وإختلاف إتجاه الرياح نسبة إلى هذه المواقع، إلخ.

ثالثًا: إنّ المنطقة الجغرافية المُستهدفة تُعتبر جزءًا مُكمّلاً لمنطقة القلمون ككل، والتي كانت تحوّلت بعد تمكّن ​الجيش السوري​ والقوى الحليفة له من إستراجعها في صيف العام 2015، إلى قواعد عسكريّة تضم وحدات قتالية مختلفة، ومخازن ذخيرة مُحصّنة، خاصة داخل مغاور طبيعيّة وأخرى من صنع الإنسان، وتتصل بعضها ببعض عبر مَمرّات ومسارات عسكريّة.

رابعًا: تناول أكثر من تقرير إستخباري غربي منذ مطلع العام الحالي حتى تاريخه، مسألة وُصول شُحنات أسلحة مُختلفة إلى يد قوّات "حزب الله" التي تُقاتل في سوريا، أبرزها صواريخ أرض-أرض إيرانيّة متوسّطة وبعيدة المدى وقويّة الرأس المُتفجّر، من طرازي "فاتح 100" و"فاتح 110" الأكثر حداثة(2)، إضافة إلى صواريخ "ياخونت" المُضادة للسفن(3).

خامسًا: أغلبيّة الضربات الصاروخيّة المُتعدّدة التي نفّذها الجيش الإسرائيلي ضُدّ أهداف في سوريا خلال السنوات الخمس الماضية، إستهدفت شُحنات أسلحة عائدة إلى "حزب الله" ومُصنّفة "كاسرة للتوازن الإستراتيجي". وما تردّد عن طبيعة الأهداف التي قُصفت في القطيفة الأربعاء الماضي، لا يخرج عن هذه القاعدة التي تُحاول إسرائيل فرضها كلّما سنحت لها الفرصة، وكلّما نجح جهاز إستخباراتها في إكتشاف شُحنة أسلحة مُهمّة منقولة إلى مخازن "الحزب".

في الختام، في حال كان الإعتداء الإسرائيليّ الجديد في سوريا قد وقع فعلاً، فإنّ مجموع الهجمات الصاروخيّة الإسرائيليّة على أهداف داخل سوريا سيرتفع إلى عشرة، وذلك منذ إندلاع شرارة الحرب السورية في مُنتصف آذار 2011. وحتى الساعة لا ردّ فعل بحجم الفعل، مع تسجيل غياب بيانات التهديد بالردّ في المكان والزمان المُناسبين لصالح بيانات نفي التعرّض لأي إعتداء!

1- تُعتبر من أهم بلدات منطقة القلمون، وهي تضمّ مساكن لضباط في الجيش السوري، ومقرًا للفرقة الثالثة، وقيادة الفيلق الثالث، وثكنات عسكرية عدّة ومراكز تدريب أيضًا.

2- بمدى أقصى يُمكن أن يصل إلى 300 كيلومتر وبحمولة تفجيريّة يُمكن أن تبلغ 500 كيلوغرام.

3- تتمتّع بميزة التوجيه الذاتي الدقيق، وتستفيد من رأس مُتفجّر يتراوح وزنه بين 200 و300 كيلوغرام ومن مدى يصل إلى حُدود 300 كيلومتر.