أنهى الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ "ابو مازن" زيارة رسمية الى لبنان، استمرت ثلاثة ايام، هي الثانية له منذ تموز عام 2013 والاولى لرئيس عربي يزور لبنان في "العهد الجديد"، بعد انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية والاتفاق على ​سعد الحريري​ كرئيس للحكومة، لكنها فتحت الابواب على مصراعيها امام التساؤلات حول نتائجها، لا سيما مع حصول شبه اجماع حول نجاح توقيتها وأهميتها في هذه المرحلة الدقيقة حيث يجري رسم "خارطة المنطقة".

لبنانيا، نجح الجانب اللبناني في ادراج بند "الشق الامني" المتعلق ب​المخيمات الفلسطينية​ في لبنان وتحديدا ​مخيم عين الحلوة​ في اعقاب الاحداث الامنية المتنقلة فيه، والخلافات الفلسطينية لجهة تعليق العمل بـ"اللجنة الامنية الفلسطينية العليا" وحلّ "القوة الامنية الفلسطينية المشتركة"، على جدول اعمال زيارة الرئيس الفلسطيني ابو مازن التي والتقى خلالها رؤساء: الجمهوريّة العماد ميشال عون، المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري، اضافة الى عدد من مسؤولي الاحزاب والشخصيات اللبنانية.

وأوضحت مصادر مطلعة لـ"النشرة"، ان المسؤولين اللبنانيين فاتحوا عباس بالاوضاع الامنية في مخيم عين الحلوة، وبأنه بات يشكل مصدر تهديد للامن والاستقرار اللبناني، لجهة وجود عدد من المطلوبين البارزين فيه من لبنانيين وفلسطينيين وإرتباط بعضهم بخارج حدود المخيم الجغرافية، وبتزايد نفوذ "الاسلاميين المتشددين" أمام تراجع قوة "​حركة فتح​" والقوى الفلسطينية الاخرى، فكان تأكيد مشترك لجهة ضرورة تحصين أمنه وإستقراره ومنع استغلاله من قبل اي أجندة غير فلسطينية، كي لا تقع الفتنة ولا يدفع الثمن غاليا، مثلما حصل في مخيم اليرموك في سوريا و"نهر البارد" في شمال لبنان، وما زالت تداعيات جراحه نازفة حتى الآن.

ونقلت اوساط فلسطينية مسؤولة عن الرئيس الفلسطيني انه ابلغ المسؤولين اللبنانيين بان القرار الفلسطيني الرسمي واضح لجهة الحياد الايجابي وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية وحماية لبنان وسلمه الاهلي، وترسيخ الأمن والاستقرار فيه والتمسك بحق عودة اللاجئين إلى وطنهم وتطبيق القرار الدولي 194، ورفض التوطين وبحث السبل الكفيلة بتأمين حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وعلمت "النشرة" انه جرى تكليف عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" والمشرف على الساحة اللبنانية عزّام الاحمد، الذي كان في عداد الوفد الفلسطيني الرسمي، متابعة البحث مع الجانب اللبناني للوصول الى آليات للعمل المشترك، بعدما تسلّم تقريرا مفصلا عن واقع عين الحلوة واعداد المطلوبين واماكن تواجدهم، اضافة الى تحركاتهم واتصالاتهم والرؤية اللبنانية لكيفية المعالجة، دون اضطرار ​الجيش اللبناني​ الى دخول المخيّمات، في وقت لم يطرح فيه موضوع سحب السلاح خارج المخيمات لا من قريب أو بعيد بسبب تشعباته الفلسطينية الاقليمية المتداخلة والتي تتجاوز قرار السلطة وحركة "فتح" وفصائل "​منظمة التحرير الفلسطينية​".

ثلاثة ملفات

والى جانب الشق الامني، تركّزت زيارة عباس على ثلاثة محاور، الاول تقديم التهاني الى الرئيس اللبناني ميشال عون، بعد انتخابه وملء الشغور الرئاسي، وشكره على مواقفه الوطنية في الجامعة العربية تجاه القضية الفلسطينية خلال زيارته مصر، وتقديم التهاني إلى سعد الحريري لعودته الى رئاسة الحكومة، والى رئيس مجلس النواب نبيه بري على مواقفه الوطنية واحتضان لبنان أعمال اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في بيروت في شهر شباط الجاري.

والثاني وضع المسؤولين اللبنانيين في تطورات القضية الفلسطينية والمخاطر التي تحدق بها في اعقاب تسلم الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ مهامه، والطروحات المتعلقة بالسلام في المنطقة وتجاهل المبادرة العربية للسلام التي انطلقت في قمة بيروت، اضافة الى آخر التطورات الفلسطينية، ومحاولات الحكومة الإسرائيلية ضرب المشروع الوطني الفلسطيني بانهاء الاحتلال لأراضي دولة فلسطين، المعترف بها من قبل الجمعية العامة لـ"الأمم المتحدة"، ومحاولات تهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي يسعى إلى استغلال الظروف السياسية لإجهاض حل الدولتين.

والثالث تنسيق المواقف في "القمة العربية" التي تعقد في العاصمة الأردنية عمان، في 29 آذار 2017 والمؤتمر الاسلامي الذي سيعقد في المغرب بعد اسابيع.

خلافات فلسطينية

على الجانب الفلسطيني، لم تؤتِ زيارة الرئيس عباس الى لبنان ثمارها، اذ لم يعقد اي لقاء فلسطيني جامع على مستوى "الامناء العامين" وفق ما كان متوقعا لاعلان موقف موحد من المصالحة الوطنية، حيث سارت الامور بشكل سلبي عكس الاجواء الايجابية التي رافقت أعمال اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في بيروت في شهر شباط الجاري، فضلا عن الخلافات على الساحة اللبنانية التي أدت الى تعليق عضوية "اللجنة الامنية الفلسطينية العليا" وحلّ "القوة الامنية الفلسطينية المشتركة" في عين الحلوة وقد بدا المشهد الفلسطيني مشتّتًا خلال أسبوع واحد بين ثلاثة مشاركات، "المؤتمر الدولي السادس لدعم القضية الفلسطينيّة" الذي نظمه مجلس الشورى الاسلامي الايراني (البرلمان) و"المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" الذي عقد في مدينة إسطنبول-تركيا تحت شعار "المشروع الوطني... طريق عودتنا"، واستقبال عباس في لبنان حيث لم يكثر ابناء المخيمات زيارته طالما لم يقم بجولة الى أي منها، او تناول الشق الانساني والاجتماعي والخدماتي لتخفيف معاناتهم أو المطالبة بأن يشملهم العفو العام في حال صدوره على المستوى اللبناني.

رسالة عباس

وقبيل مغادرته لبنان، وجه الرئيس الفلسطيني "أبو مازن"، بما يشبه الرسالة الى القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية وابناء الشعب الفلسطيني في لبنان، كي يكونوا عامل أمن واستقرار للسلم الاهلي اللبناني والحفاظ على المخيمات كعنوان لحق العودة".