أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ عملية فصل سلسلة الرتب والرواتب عن الموازنة كان يجب أن يكون ضمن الموازنة، مشيراً إلى أنّ الفصل تمّ لتهدئة الشارع بعض الشيء في حال التأخّر بالموازنة، لافتاً إلى أنّ السلسلة هي حق طبيعي لكل الأساتذة.

وفي حديث إلى تلفزيون "NBN" ضمن برنامج "السياسة اليوم" أدارته الإعلامية سوسن صفا درويش، استغرب مسألة الضرائب التي تضعها الحكومة، واصفاً إياها بالغريبة العجيبة، "وكأنّ الحكومة تريد الانتقام من الشعب"، ملاحظاً أنّ أحداً لم يكن يتحدّث مثلاً بمخالفات السير بهذه الكمية من الأموال، "وكأنّ الدولة لديها شراهة على المواطنين".

وأشار أبو فاضل إلى أنّ هناك مسؤوليات على الدولة تحمّلها أولاً إزاء المواطنين، سواء في ما يتعلق بالكهرباء والمياه والاتصالات والطرقات وغيرها، مشدّداً على عدم جواز التعامل بهذا الشكل مع المواطنين من دون تقديم الحدّ الأدنى لهم في المقبل، لافتاً إلى أنّ الناس لم تعد مضطرة لتحمّل هذه السلطة الفاشلة.

الناس لا تتحمّل

ورداً على سؤال، رفض أبو فاضل منطق التعميم، إلا أنّه أشار إلى أنّ المطلوب ضبط الجمارك والحدود والمطار والمرفأ ووقف الهدر والصفقات والسمسرة حتى يقف الفساد، لافتاً في المقابل إلى أنّ وزير المال المحامي الصديق علي حسن خليل من الوزراء المميزين وهو يدرس ملفاته جيّداً.

وإذ لاحظ أبو فاضل أنّه ليس لدينا أمن اقتصادي، أكد أنّه يثق شخصياً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولكنّه لا يثق بكلّ من هم في السلطة، موضحاً أنّه لا يشكّك بالوزراء، ولكنّ السلطة تسعى إلى جمع الأموال لسداد العجز الذي أدخلتنا به الحكومات المتعاقبة.

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّه ضدّ أيّ ضريبة على كاهل المواطنين اللبناني، داعياً لفرض الضرائب على من يجنون ملايين الدولارات شهرياً، مشيراً إلى أنّ الناس لم تعد قادرة على أن تتحمّل المزيد من الضرائب، ويكفي أنّها تتحمّل هذه السلطة.

فلتان اقتصادي خطير

وذكّر أبو فاضل بأنّ الاتفاق الذي حصل في البلد ناتج عن اتفاق سعودي إيراني وعن إرادة دولية فرضت هذا التوافق، مؤكداً أنّ وصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة هو ضمانة للبلد، لكنّه تحدّث عن فلتان اقتصادي في البلد في المقابل، منبّهاً إلى أنّ هذا الفلتان أخطر من الفلتان الأمني.

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ الحكومة مسؤولة على هذا الصعيد، لافتاً إلى أنّ نفس المكوّنات شاركت في الحكومات المتعاقبة، وأسف لما يُخطط للرملة البيضا على سبيل المثال، واصفاً الأمر بالمجزرة، خصوصاً أنّها من المساحات النادرة التي لا تزال متاحة للشعب.

وفيما جزم أبو فاضل أن يداً واحدة لا تصفّق، شدّد على أهمية أن تبقى الليرة جامدة، وأشار إلى أنّ العجز وصل إلى المملكة العربية السعودية وهي بلاد المنطقة، والتدهور الاقتصادي شمل كل المنطقة، في حين أنّ وضع لبنان أفضل بفضل سياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهذا الأمر يتعلق به شخصياً وبالهندسة المالية التي قام بها.

الفضل لسلامة وقهوجي وابراهيم

وأشاد أبو فاضل بالدور الذي لعبه الحاكم سلامة على هذا الصعيد، كما أشاد بالدور الذي يلعبه القادة الأمنيون ولا سما قائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، مشدّداً على أنّ هؤلاء هم من حفظوا البلد وساهموا في صموده.

وأسف أبو فاضل في المقابل لكون النظام فاسداً على كافة الصعد، واستهجن رفض الحكومة التنسيق مع الدولة السورية، الأمر الذي ينعكس سلباً على الواقع الاقتصادي في البلد، لافتاً إلى أنّ الطريقة التي تقارب بها الحكومة ملف قانون الانتخاب هي أكبر دليل على ذلك، وأشار إلى أنّه لا يوجد بلد يختار فيه النواب ناخبيهم، وليس العكس، كما هو الحال في لبنان.

ورداً على سؤال، تحدّث أبو فاضل عن سياسة تتحكّم بعقول أهل السلطة في البلد في مواجهة المواطن اللبناني، ولم ينكر وجود مجموعة محترمة ترفض ذلك، ولكنّ تمثيلها لا يصل إلى أكثر من ثلث الحكومة، وبالتالي فهي لا تستطيع أن تؤثر بشيء على موضوع الموازنة، التي ستصدر في نهاية المطاف بضرائبها، وتساءل أين الـ11 مليار وأين الإبراء المستحيل، وخلص إلى أنّ السياسيين في لبنان هم حيتان المال.

كلام الرئيس يصب بخانة بناء الدولة

وردا على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ كلّ كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يصبّ في خانة بناء البلد، مشيراً إلى أنّ خطاب القسم مهم جداً على هذا الصعيد، إلا أنّه تساءل عن مدى تقبّل مثل هذا الخطاب من قبل القوى السياسية في البلد، مرجّحاً أن يصطدم بالكثير من العقبات، إلا أنّه أبدى تفاؤله بقدرته على التغيير، مرحّباً بالتجديد له بعد انقضاء عهده في حال كانت صحته جيّدة كما هي اليوم.

وأشار أبو فاضل إلى أنّه ليس خائفاً على الصعيد الأمني، لافتاً إلى أنّ السياسيين هم الذين يخيفونا، مشيداً بعمليات الأمن الاستباقي التي تقوم بها الأجهزة الأمنية بدليل إحباط العملية الانتحارية في مقهى الكوستا في الحمرا قبل فترة، مشدّداً على أنّ هذه الأجهزة واعية مئة بالمئة، كما أنّ وزير العدل سليم جريصاتي ممتاز، وقد أنجز الكثير من المهام بسرعة قياسية، وهو يعمل ولا يردّ على أحد.

ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ عملية بناء الدولة تحتاج لوقتٍ طويل، وأشار إلى أنّ لبنان لم يكن كما هو اليوم، معرباً عن اعتقاده بأنّ اتفاق الطائف هو الذي خربه، فهو الذي أنتج نظاماً طائفياً في لبنان، محمّلاً كلّ من شاركوا في الطائف وصفقوا له مسؤولية ذلك، واصفاً إياهم بأنّهم مجرمون بحق البلد، ورفض إلغاء الطائفية السياسية طالما أنّ كلّ واحد قد أقام كانتوناً مذهبياً، متسائلاً كيف تلغى الطائفية السياسية وهناك 35 نائباً مسيحياً ينتخبهم المسلمون.

قانون انتخابي على النار

ولم يستبعد أبو فاضل إمكانية الدعوة إلى طاولة حوار لحسم قانون الانتخاب، متحدّثاً عن قانون على النار يتمّ العمل عليه منذ عشرة أيام، إلا أنّه أشار إلى وجود اختلاف حول تقسيم الدوائر لا يزال يعيق إنجازه بشكلٍ كامل حتى يبصر النور.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ هناك عملاً في هذا القانون على جعل طرابلس والمنية والضنية مثلاً دائرة واحدة، بحيث ما يخسره الرئيس سعد الحريري في طرابلس يعوّضه في المنية والضنية، كما أنّ قوى 8 آذار تمثَّل بهذا الشكل أيضاً.

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ النائب وليد جنبلاط يوافق على هذه الصيغة، لافتاً إلى أنّه يحصل بموجبها على 4 نواب في الشوف و2 في عاليه وفق الأكثري إضافة إلى نحو 4 نواب أيضاً وفق النسبي، ما يعني أنّ كتلته ستبقى كما هي، ما يعني أنّ هواجسه تبدّدها هذه الصيغة.

تحالف بين التيار وأمل؟

وكشف أبو فاضل أنّ اللواء عباس ابراهيم قام بوساطة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل برعاية الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، مشيراً إلى أنّ التيار وأمل ينظران اليوم إلى بعضهما بحذر، كما كان القوات والكتائب ينظران لبعضهما البعض بحذر قبل أن يتفق القواتيون مع التيار الوطني الحر، لافتاً إلى أنّ هناك حركة مهمة بين التيار وأمل، لكن ليس لدرجة التحالف.

وشدّد أبو فاضل على أنّ الحوار بين حزب الله والقوات اللبنانية حدوده مرسومة كما هي اليوم، مشيداً بحضور الوزير ملحم رياشي إلى الضاحية والدور الذي يلعبه، مستبعداً في المقابل أيّ تحالف بين الجانبين في الانتخابات النيابية، ورأى أنّ التحالفات أهمّ من القانون في الكثير من الأماكن، وهو ما ينطبق بشكل خاص على رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، التي كانت تستطيع الفوز في الانتخابات البلدية لو نسجت تحالفاتها بطريقة أخرى.

الحرب لا تخدم نتانياهو وترامب

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ موقف الرئيس ميشال عون الأخير رداً على التهديدات الإسرائيلية كان مشرّفاً وقف فيه مع شعبه وناسه، تماماً كما موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مشدّداً على أنّ المقاومة شرفنا.

وشكّك أبو فاضل بإمكانية أن تقدم إسرائيل على شنّ أيّ حربٍ في هذه المرحلة، مشيراً إلى أنّ الإسرائيليين يفضّلون التفرّج على العرب يتقاتلون، والحرب لا تخدم لا الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو.

واعتبر أبو فاضل أنّ كلّ قادة حزب الله الذين استشهدوا في سوريا إما لهم علاقة بجبهة القنيطرة أو لهم حضور هناك، متحدّثاً عن ملاحقة محدودة خسّرتنا خيرة الشباب، وأشار إلى أنّ الإسرائيليين دائماً يستهدفون شحنات الأسلحة الآتية إلى لبنان.

لا مجال للمصالحة

من جهة أخرى، أكد أبو فاضل أنّ لا مجال للمصالحة بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، لافتاً إلى أنّ مصلحة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية أن يتصالح مع الرئيس، ولكن طالما قرر التيار الوطني الحر التحالف الفعلي والتنفيذي على الأرض مع القوات اللبنانية، فليس من مصلحة الوزير فرنجية أن يتقارب مع التيار، كما أنّه لم يحصل على دعوة من رئيس الجمهورية لزيارته.

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ هناك عائلات وأحزاب ستقف ضدّ أي اجتياح محتمل من الثنائي المسيحي ممثلاً بالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لكل المناطق في الانتخابات، مشيراً إلى أنّ هذه العائلات والأحزاب لا تكفي، لافتاً إلى أنّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل أخطأ كثيراً في السياسة التي اعتمدها من استقالة الوزراء من حكومة الرئيس تمام سلام وغيرها.

وشدّد أبو فاضل على أنّ التحالفات هي أهمّ من القانون، وأكد رداً على سؤال أنه لا يزال مع رئيس الجمهورية ويؤيده، وهو معه منذ 28 سنة، ونفى أن يكون قد أحبِط في مكانٍ معيّن، مشيراً إلى أنّه يعرف الرئيس عون جيّداً ويعرف شخصيّته، ولفت إلى أن لا عداوة لديه مع القوات اللبنانية، ولكن في المقابل لا صداقة معهم، وذكّر بأنه من مؤسسي القوات.

الفراغ ممنوع

ورداً على سؤال، رأى أبو فاضل أنّ وزير الداخلية نهاد المشنوق قام بواجباته في ما يتعلق بدعوة الهيئات الناخبة، وهو أصلاً يفضّل قانون الستين، وكذلك الرئيس سعد الحريري قام بواجبه على هذا الصعيد، في حين أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يعتبر واجبه عدم التوقيع على دعوة الهيئات الناخبة وفق قانون الستين، لأنّه يعتبره مخالفاً للدستور، وهو الذي أقسم على تطبيق الدستور بعد انتخابه رئيساً للجمهورية.

وتوقع أبو فاضل أن يكون هناك تمديد تقني للمجلس النيابي، وأشار إلى أنّ الفراغ ممنوع عند الرئيس نبيه بري وعند الرئيس سعد الحريري وعند النائب وليد جنبلاط وعند الوزير سليمان فرنجية وعند الرئيس نجيب ميقاتي وعند الدكتور سمير جعجع، لافتاً إلى أنّ هؤلاء لا يقبلون انهيار المؤسسات البرلمانية.

واعتبر أبو فاضل أنّ الشيء الوحيد الذي يقبل به رئيس الجمهورية أن يكون هناك تمديد تقني منصوص عليه في قانون الانتخاب الجديد في حال إقراره، لكنّه أشار إلى أنّه حتى في حال الوصول إلى فراغ وعدم إقرار قانون انتخاب جديد، سيجتمع المجلس النيابي ويمدّد لنفسه.

النسبية لا تناسب الحريري وجنبلاط

وجدّد أبو فاضل القول أنّ رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لا يناسبهما إقرار قانون انتخاب نسبي بالمطلق، لافتاً إلى أنّ جنبلاط يرفع السقف عندما يطالب بإلغاء الطائفية السياسية في مقابل إقرار النسبية، إلا أنّه أشار إلى وجود ليونة في موقف الأخير، في ضوء الصيغة المقترحة حالياً لقانون الانتخاب.

ورداً على سؤال، استبعد أبو فاضل إقرار قانون انتخاب نسبي من دون موافقة السنّة والدروز، مذكّراً بما كان يُحكى عن نوايا لدى مناصري جنبلاط بتحطيم صناديق الاقتراع في مناطقهم في حال إقرار قانون انتخاب لا يوافق عليه الرجل.

وأشار أبو فاضل إلى أن الوزير جبران باسيل سيعيد التلويح بالقانون الأرثوذكسي في حال عدم السير بالصيغة الانتخابية المقترحة حالياً، فهو يعمل في السياسة أولاً.

شرخ كبير داخل السلطة

وفي سياق آخر، أكد أبو فاضل أنّ هناك الكثير من الوزراء ممّن يستحقون الإشادة، كالوزير سليم جريصاتي والوزير طارق الخطيب الذي وصفه بالصديق والأخ، واعتبر أنّ أداءه ممتاز جداً، مشيراً إلى أنّ هناك وزراء يُرفَع الرأس بهم.

ولفت أبو فاضل إلى أنّه ينتقد الحكومة لرفضها التعامل مع سوريا، مستهجناً تسليم وزير على عداوة مع سوريا حقيبة وزارة الدولة لشؤون النازحين، في إشارة إلى الوزير معين المرعبي، مشيراً إلى أن العالم غيّر موقفه من الرئيس السوري بشار الأسد، في حين أنّ بعض المسؤولين في لبنان يتمسّك بموقفه.

وتحدّث أبو فاضل عن شرخ كبير داخل الحكومة وشرخ كبير داخل السلطة السياسية في لبنان، ولفت إلى أنّ الرئيس ميشال عون كان مرشح حزب الله وقالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وقد وافق الرئيس سعد الحريري عليه في النهاية لأنّ مصلحته كانت تقضي بالعودة إلى السلطة، وهو كان بحاجة للسلطة أكثر من الرئيس ميشال عون.

عون لن يزور سوريا

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ رئيس الجمهورية لن يزور سوريا في هذه المرحلة، معتبراً أنّه لا يستطيع أن يزورها لأنّه لا يريد إحداث شرخ، وخصوصاً أنّ اللبنانيين لن يقبلوا مثل هذه الزيارة، لافتاً إلى أنّ زيارة المملكة العربية السعودية متفق عليها منذ ما قبل انتخابه.

وكشف أبو فاضل أنّ الرئيس عون سيزور في المقابل إيران، وقد سبقه الرئيس نبيه بري، مشيراً إلى أنّ الرئيس الحريري لا يعترض على مثل هذه الزيارة بخلاف الوضع مع سوريا، لافتاً في المقابل إلى إمكانية أن يزور وزير الدولة لشؤون الرئاسة بيار رفول سوريا إذا اقتضت الظروف ذلك لمعالجة قضية التنسيق بين الدولتين.

وانتقد أبو فاضل ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ، مشيراً إلى أنّ عليها احترام أصول التعامل بين الدول، لافتاً إلى أنّه لا يحق لها بأن تقدّم إملاءات لرئيس الجمهورية، وشدّد على أنّها سفيرة غير محترمة ولا تحترم نفسها، وعندما يتكلم رئيس الدولة عليها أن تخرس، كاشفاً أنّه سيدّعي عليها في حال واصلت هذه السياسة، وقال: "هذا رئيس الدولة وهذا عماد الجمهورية، ولا يحق لأحد أن يعلّم عليه".