يسوع صام 40 يوماً وهو القدوس النقي ابن الله والذي ليس هو بحاجة للصوم، وهو طاهر من كل خطيئة ولا ذنب فيه. يسوع صام قبل ان يدخل آلامه وصلبه وعذابه وموته وقيامته لاجل فدائنا وخلاصنا.

يسوع صام واعطانا القدوة والمثال وعلمنا كيف نصوم اذ قال: «اذا صمت ادهن رأسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صيامك (ولا تزعجهم بصيامك خاصة اذا كانوا هم غير صائمين) ويمارسون صياماً آخر حسب طريقتهم ولو كان هذا هو غير الصيام الحقيقي الصحيح الذي قام به يسوع وتأمرنا به الكنيسة. فهذا يقول انه صائم عن الحلويات وآخر عن السيجارة وآخر عن اللحم وآخر عن الكحول وآخر عن الكلام السيء الى ما هنالك من اماتات وتضحيات وكسر للنفس.

وكل هذه الافعال إماتات تقوية مقبولة عند الله شرط أن لا نصنع صياماً على قياسنا وعلى حسابنا وبحسب مفهومنا ونحن لا نتمم الوصية الكنسية الآمرة ب​الصوم​ ولا نقتدي بسيدنا ​يسوع المسيح​ الذي صام في البرية اربعين يوماً ونحن نصوم على مثاله وحباً وتشبهاً بحبه لنا واقتداء به بخط حياته وسلوكه الطاهر من العيب والدنس والنقص والخطيئة.

} صوموا مع يسوع

وصوموا سبت النور }

أقدم النصوص الكنسية التي عندنا حول الصوم هي النفوس التي اتت في القوانين الرسولية (سنة 380) وهي توصي بالصوم وخاصة بالصوم يوم سبت النور، وهو السبت الذي صام الرب فيه في القبر وصوموا في هذا اليوم ولا تعيدوا فاليوم الذي كان فيه الخالق تحت الثرى هو يوم بكاء ونواح وفي اسبوع الآلام استعملوا اثناءها الخبز والملح والبقول والماء للشرب وامتنعوا عن الخمر واللحوم.

} طووا الجمعة

والسبت }

صوموا يومي الجمعة والسبت وهذا ما نقوله عنه نحن «طوى» الايام. اي انه لنصوم مع بعضها البعض.

والصوم مرتبط بالتوبة والمودة الى الاب الحنون. ووضع الرماد المقدس على جباهنا طالبين غفران ذنوبنا والرحمة والعون. وان نتوب كما تاب داود الملك والمرأة الخاطئة وزكا الجابي العشار ونصف اليمين ونلبس وشاح التوبة والتواضع والوفاء والندامة. من هنا أهمية اثنين الرماد ان يضع الكاهن صليب الرماد على جباهنا. ويقول لنا: «اذكر يا انسان انك تراب والى التراب تعود».

موسى صام، الفتية الثلاثة صاموا

} دانيال صام و ايليا صام }

في هذا الصوم علينا أن نساعد الفقراء وان نصغي الى القديس باسيليوس الكبير (379) (العظة رقم 6) «الخبز الذي تحفظه في المخبأ هو ملك للجائعين، والثوب الذي تقفل الخزانة عليه هو ملك للعراة، والحذاء الذي يتلف عندك هو ملك للحفاة، والذهب الذي تدفنه هو ملك المحتاجين فأنت مجحف بحق الذين تستطيع ن تسد حاجتهم ولا تفعل والصوم أنواع كالقبول (أمرهات الحكيم الفارسي 345).

لا يقوم الصوم على الامتناع عن تناول الخبز والماء بل له مقومات وافرة: منهم من يصوم عن الخبز والماء حتى يجوع ويعطش ومنهم من يصوم بغية الحفاظ على البتولية... ومنهم من يصوم بالقداسة... وبعضهم يصوم عن اللحم والخمر وانواع المأكل.

ومنهم من يصوم عن الغضب... ومنهم من يصوم عن القنية... هناك من يصوم عن انواع المتطلبات.. وهناك من يصوم عن رغبات هذا العالم... وهناك من يصوم طلباً للتقشف والتماساً لرضى ربه عليه.. وبعضهم يصوم عن جميع هذه.

ومن فقد نقاوة قلبه فصومه غير مقبول. وعليه ان ينقّي قلبه ويحفظ لسانه ويمنع يده عن فعل الاثم... فلا ينبغي ان يمزج صومه بالتجاديف واللعنات.. ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان، بل ما يخرج من الفم هو الذي ينجس الانسان (متى 15/11) (البيان الثالث في الصوم، 1 ـ 2)

وكما قال يسوع علينا الغفران قبل الصلاة والقربان (متى 5: 23/24)

واذا قدمت قربانك الى المذبح، وذكرت هناك ان لأخيك عليك شيئاً فدع قربانك هناك أمام المذبح، وامش اولاً فصالح اخاك، وحينئذ ائتِ وقدم قربانك.

} الصوم }

الصوم توبة الى الله كما قال القديس الكيمنصوص الروماني (101+)

الصوم هو زمن التوبة ان رأفة الله من اجل العالم حملت الى العالم نعمة التوبة. (27 1909)

واجمل أقوال الحق السرياني (اواخر القرن السابع) «حين يُحَل الجسد بالاصوام والامانة، تتشدد النفس بالصلاة. الجوع أكبر معين على تهذيب الحواس» (العظة 47) وفي بطن متخم بالاطعمة، لا مكان لمعرفة اسرار الله (يوحنا فم الذهب) ـ407+).

«الصوم هو غير الامتناع عن الطعام وقتاً محدوداً، الصوم هو الامساك عن جميع الرذائل والتمسك بجميع الفضائل» (العظة 31)

«...الصوم هو ان تحل اغلال الاثم وتقطع ربط الظلم، وتجانب السكر والغش، وتعنف المستبعدين وتكسر خبزك للجائع، وتؤوي الغريب الى بيتك، وتنصف الايتام والأرامل» (العظة 47).

} مار افرام السرياني }

الصوم هو كما قال مار افرام السرياني «تمتين هو الصوم الطاهر امام الله وهو محفوظ ككنز في الماء، الصوم السلاح امام الشرير وترس تقاتل به سهام الصدور».

وعلينا ان نعرف حسب ما ورد في رسائل البطاركة ان شرب الماء لا يكسر الصوم.

وانه ليس على الاطفال الصغار واجب الصوم.

كما ان المرضى ومن يتناولون الادوية باستمرار ليس عليهم واجب الصوم والا بالقدر الذي يقدرون عليه. تقبل الله صومكم وأعطاكم أجر اماتاتكم واوصلنا واياكم الى عيد القيامة المجيد. لنقل سوية المسيح قام حقا قام والمسيح قام من بين الاموات ووطىء الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور.