كان لافتاً للاهتمام الزيارة التي قام بها قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال جوزف فوتيل الى لبنان، واللقاءات التي اجراها مع المسؤولين اللبنانيين وتصريحه بأن المساعدات العسكرية الاميركية للجيش اللبناني ستبقى وتتعزز في الآتي من الايام.

المهم في هذه الخطوة كان التطمينات التي حملتها، فوصول الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ الى السلطة وبدايته القويّة بالقرارات التي اصدرها وتصريحاته الصادمة التي جعلت الجميع يترقب ما سيقوم به داخلياً وخارجياً، اثارت اهتمام لبنان ايضاً الذي ينتظر معرفة كيفية تعامل الادارة الاميركية الجديدة معه. أهمية ما قاله الجنرال فوتيل انه وضع حداً لما تردّد في السابق عن تحريك بعض اعضاء الكونغرس لملف استفادة "حزب الله" من الاسلحة الاميركية المعطاة الى ​الجيش اللبناني​، وبالتالي فإن الامر كان اشبه باعتراف رسمي بأن هذه المسألة باتت "قديمة" ولا يرغب احد في الادارة الاميركية باعادة احيائها من جديد. ووفق هذا المفهوم، فإن الثقة الاميركية بالجيش اللبناني قد تجدّدت في العهد الجديد ان في اميركا او مع ترامب في لبنان مع الرئيس العماد ميشال عون، وكشفت ايضاً الوهج الذي طاول تصريحات عون الاخيرة عن حزب الله وسلاحه وقتاله في سوريا، فقطعت الطريق امام اي تأويلات في هذا الشأن.

اما الإشادة الكبيرة التي صدرت عن القائد العسكري الاميركي بالدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في ​مكافحة الارهاب​، فحملت اكثر من رسالة حول الاستمرار باعتبار الجيش بمثابة خط احمر لا يجب المساس به او تجاوزه، اضافة الى استمرار التعاون الاستخباراتي والامني معه من اجل الابقاء على الجهوزية التامة في التصدي للارهاب والخلايا التي يمكن ان تعيث البلبلة في لبنان، ناهيك عن الارهابيين الذين يهربون او يتسللون من سوريا الى لبنان وسط المواجهات التي تحصل هناك بهدف القضاء عليهم.

ووفق معلومات من مصادر مواكبة للزيارة، فإن الجنرال فوتيل قد المح الى ارتياح واشنطن للتعامل مع قائد الجيش الحالي العماد ​جان قهوجي​ في هذه الفترة، ما يعني بشكل غير مباشر، تفضيلها بقاءه في منصبه حتى يحين موعد تقاعده، وسط الحديث عن تعيينات جديدة قد تصدر عن مجلس الوزراء في ما خصّ المراكز القيادية الامنية والعسكرية. واعتبرت المصادر ان هذا ما دفع بالوزير يعقوب الصراف الى التصريح بما قاله عن بقاء العماد قهوجي في منصبه حتى تعيين بديل له.

هذا في الشقّ الايجابي للزيارة، اما في الشق السلبي، فيبدو واضحاً ان لا تغيير في الاستراتيجية الموضوعة لناحية تجهيز الجيش اللبناني بالاسلحة، بما يعني ان "الفيتو" الموضوع على تزويده بأسلحة متطورة يحتاجها لترسيخ تواجده على الحدود ومكافحة الارهاب والدفاع عن لبنان بشكل عام، لم تنته صلاحيته وهو لا يزال معمولا به.

صحيح انه تم تلقي نوعية من الاسلحة لم يتم اعتمادها في السابق، في ترفيع بسيط لها (طائرات هليكوبتر صغيرة مع صواريخ مخصصة لمكافحة الارهابيين، وطائرات دون طيار للاستطلاع...)، ولكنها لن تتخطى هذا السقف، كما ان الاميركيين لن يوافقوا على ان يتزود الجيش بأسلحة من خارج الضوابط التي وضعوها والتي، على ما يبدو، لن يكون باستطاعة احد من اصدقائهم او حلفائهم خرقها في المدى المنظور. وحتى اكبر المتفائلين بحصول تعاون وتفاهم غير مسبوقين بين واشنطن وموسكو حول مختلف فالامور في المنطقة، لا يتوقع ان يكون موضوع السلاح الى لبنان على غير ما هو عليه حالياً، بحيث يعطى الجيش اسلحة لمحاربة الارهاب وفق قاعدة "الخبز اليومي" اي بكميّة محددة وبمعايير موضوعة مسبقاً، وبالتالي لا يمكن ان يحلم اللبنانيون بعد برؤية جيشهم الذي تعترف بكفاءته كل دول العالم، وهو مجهّز بأسلحة بديهية جويّة وبحريّة وبريّة كأيّ دولة في العالم، وبالاخص اذا ما كان موقعها الجغرافي يفرض عليها ان تتمتع بهذا القدر من التجهيزات العسكرية.