لم يبق الكثير قبل انتهاء مهلة التسعين يوماً التي تسبق نهاية ولاية المجلس النيابي في 21 حزيران المقبل، والتي تفرض دعوة الهيئات الناخبة قبلها، ما يعني أن الوصول الى تاريخ 21 آذار من دون قانون انتخابي جديد، يفرض على الحكومة دعوة الهيئات الناخبة، واذا لم تفعل تكون قد خالفت الدستور والقوانين. ولكن بظل الرفض المطلق للقانون القائم حاليا وفشل القوى السياسية بالاتفاق على قانون جديد للانتخابات تتجه الامور الى "الفراغ"، فأين اصبحت المساعي الانتخابية وماذا يعني "الفراغ" النيابي؟.

بعد جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، اجتمع رئيس الحكومة سعد الحريري، وزير المالية علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل في السراي الكبير لمناقشة ​قانون الانتخاب​ات، حسبما علمت "النشرة" من مصادر مطلعة. وتكشف المصادر أن الجلسة شهدت طرحا جديدا قدّمه رئيس التيار الوطني الحر ويقوم على "تطبيق" الطائف وإنتاج مجلس نيابي لا طائفي، وإنشاء مجلس للشيوخ، مشيرة الى أن هذا الطرح اعترضته عقبة أولى عنوانها "من يترأس مجلس الشيوخ بعد انشائه".

بعد العودة الى "مربع" مجلس الشيوخ لا بد من الإشارة الى ان هذا المجلس الذي يستعمل اليوم كحل مرحلي، غير قابل للتحقق الاّ بعد الغاء الطائفية والعبور من النظام الطائفي الى المواطنة والنظام المدني، تماما كما نصّت المادة 95 من الدستور، يقول المرجع الدستوري ​إدمون رزق​. ويضيف رزق في حديث لـ"النشرة": "من العبث التفكير بمجلس شيوخ قبل إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية والطائفية السياسية واستكمال عمل الهيئة للعبور الى الدولة المدنية"، مشيرا الى ان "إلغاء الطائفية شرط أساسي لإلغاء الطائفية السياسية التي تتحقق عبر سنّ القوانين المدنية وإلغاء الأحزاب الطائفية". والاهم من هذا كله هو ما يشدد عليه رزق بأن المادة 95 أتت واضحة لناحية "عدم تخصيص أي وظيفة لأي طائفة واعتماد الكفاءة والاختصاص"، ما يعني أن رئاسة مجلس الشيوخ لم تُخصص لأي من الطوائف.

الفراغ وسقوط الدولة

ليس الفراغ في السلطة التشريعية أمرا عاديا، فهو يعني سقوط النظام وانهيار الدولة، بحسب رزق الذي يشدد على ضرورة التقيد بالمواعيد الدستورية والقانونية التي تفرض انتخاب مجلس نيابي جديد قبل نهاية ولاية المجلس القائم. ويضيف رزق: "من الناحية المبدئية لا يجوز اطلاقا تجاوز المواعيد، وعلى المجلس النيابي عقد جلسات متتالية بهدف التوصل لقانون انتخابي جديد، وعلى رئيس الجمهورية أن يستعمل الصلاحية التي لم يستعملها أحد من قبله، وهي المبادرة عند حصول الأزمات الكبرى الى توجيه رسالة الى المجلس النيابي لحثه على القيام بواجباته"، لافتا النظر الى انه في حال وجود قوة قاهرة تحول دون اجراء الانتخابات يفترض التمديد للمجلس القائم بقانون خاص لهذه الغاية"، مشيرا الى أن نظرية الفراغ توازي سقوط النظام والدولة وهي مؤشر فشل المسؤولين على كل المستويات.

هنا بيت القصيد، فالفراغ النيابي يعني سقوط النظام، ما يعني حكما فتح الباب أمام الحديث عن مؤتمر تأسيسي يُعيد كتابة دستور لبنان. وفي هذا الإطار تؤكد المصادر الخاصة بـ"النشرة" أن المؤتمر التأسيسي سيقلب الطاولة فوق رؤوس الجميع، كاشفة أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بصدد التحضير لمفاجأة تلي انتهاء المهل الدستورية دون التوصل لاتفاق على قانون جديد للانتخابات.

يفقد المجلس النيابي سلطة التشريع عند انتهاء ولايته، وعندها تسقط القدرة على إنتاج قانون انتخابي جديد، وتصبح أولوية الحكومة إجراء الانتخابات على أساس القانون القائم، وبالتالي تتكرر الازمات في لبنان بسبب الابتعاد عن تطبيق الطائف والدستور، فهل يكون الحل في الاتفاق على نظام سياسي جديد؟.