في الساعات الماضية، سجلت غارتين إسرائيلية وأميركية على الأراضي السورية أثارتا حولهما العديد من علامات الإستفهام في ظل اللحظة الحرجة التي تمر بها الأزمة السورية، بسبب تداخل العوامل الإقليمية والدولية على نطاق واسع، لا سيما في شمال البلاد.

الغارة الإسرائيلية إستهدفت أحد المواقع العسكرية على اتجاه تدمر في ريف حمص الشرقي، بحسب ما أعلن ​الجيش السوري​ في بيان رسمي، حيث أكد أسقاط طائرة وإصابة أخرى في حين نفى الجيش الإسرائيلي هذا الأمر، أما الجيش الأميركي فقد أقر بشن ضربة في إدلب ضد تنظيم "القاعدة"، لكنه نفى أن يكون استهدف بشكل متعمّد مسجداً في محافظة حلب حيث قُتل 42 شخصاً.

على هذا الصعيد، تؤكد مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أنه لا يمكن القول بوجود ترابط مباشر بين الغارتين، لافتة إلى أن لكل واحدة منهما دلالات واضحة، نظراً إلى أن جميع اللاعبيين على هذه الساحة باتوا يستشعرون الخطر ويسعون إلى حفظ مصالحهم بأي شكل من الأشكال.

وتشير المصادر نفسها إلى أن الغارة الأميركية جاءت لتؤكد على توجه واشنطن نحو تكثيف الضربات الجوية ضد معاقل الفصائل التي تدور في فلك "القاعدة" في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب، بينما كان يسود الإدارة السابقة موقفاً ملتبساً بسبب التداخل في مواقع تلك الفصائل مع أخرى تصنف من وجهة نظرها "معتدلة"، وتضيف: "الولايات المتحدة كانت حاسمة قبل أيام في الرد على الخطوات التي قامت بها جبهة النصرة على مدى الأشهر السابقة، حيث أكدت أنها لا تزال تعتبرها جزءاً من شبكة القاعدة العالمية بغض النظر عن التسميات الجديدة".

من وجهة نظر هذه المصادر، هذه الغارة تكشف عن جزء من الخطة الأميركية التي تعد بالنسبة إلى الأزمة السورية، حيث باتت واشنطن لا تخفي رغبتها بإرسال الجنود والتدخل بشكل مباشر في الحرب، في حين كانت في السابق تصر على البقاء بعيدة عن الواجهة معتمدة على حلفاء محليين، وتشدد على أن هذا الأمر يوحي بأن هناك حسما لطريقة التعامل مع الفصائل المتحالفة مع "القاعدة" في المرحلة المقبلة، الأمر الذي من المفترض أن تكون له تداعيات كبيرة.

بالنسبة إلى الغارة الإسرائيلية، توضح المصادر المتابعة أنها تأتي في سياق الضربات الجوية التي توجهّها تل أبيب من حين إلى آخر، تحت عنوان منع وصول شحنات الأسلحة إلى "حزب الله"، لافتة النظر إلى أنه في كل مرة تحصل الغارات تكون بالتزامن مع إنتكاسة تتعرض لها الجماعات المسلحة، وتشير إلى أن هذه المرة جاءت على جبهة مع تنظيم "داعش" الإرهابي حيث كان الجيش السوري يحقق فيها تقدماً لافتاً في الفترة السابقة، وتسأل: "هل كان الهدف تقديم خدمة إلى عناصر "داعش" بعد الإنتكاسات التي تعرضوا لها في الميدان؟"، وتجيب: "ما حصل لا ينفصل عن الصراع القائم حول الشرق السوري، لأن لها مصلحة في إبقاء الجيش السوري وحزب الله بعيدين عن الحدود العراقية".

في هذا السياق، تعتبر هذه المصادر أن الخطوة الأبرز كانت سرعة الرد السوري، حيث تم الإعلان عن إسقاط طائرة وإصابة أخرى، بالإضافة إلى الإعلان عن الرد مباشرة على أي محاولة إعتداء قد تقع في المستقبل، الأمر الذي كان محل متابعة من جانب الإعلام الإسرائيلي، حيث وصفت صحيفة "هآرتس" ما حصل بالتطور الخطير، في حين أشارت صحيفة "يديعوت احرونوت" إلى أنها المرة الأولى التي يضطر فيها الجيش الإسرائيلي تأكيد تنفيذه غارات داخل الأراضي السورية، بسبب إطلاق صواريخ من المنظومة الدفاعية السورية.

وتشير المصادر نفسها إلى أن الرد السوري سيكون له تداعيات بارزة في الأيام المقبلة، نظراً إلى أنه سيدفع تل أبيب إلى أخذ هذا الأمر بعين الإعتبار قبل القيام بأي غارة، وتتوقع أن يكون محل متابعة من جانب القوى الكبرى الفاعلة على هذه الساحة، نظراً إلى أن تل أبيب تحرص بشكل دائم على التواصل مع الجانبين الروسي والأميركي لضمان مصالحها.

في المحصلة، الساحة السورية مفتوحة على كل الإحتمالات نظراً إلى أن هناك تطوراً جديداً له الكثير من الدلالات في كل يوم، لا سيما أن كل فريق بات يبحث عن تحسين أوراق قوته بأي ثمن.