انتقدت فئة من السياسيين الكلام الذي قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مقابلة له مع قناة تلفزيونية مصريّة بأن الجيش ليس جاهزا بعد لصد أي هجوم اسرائيلي على لبنان وان المقاومة تدافع عن أرضها واهلها، في حين تفهم عدد منهم موقفه، ورحب البعض الآخر بتصريحه هذا.

في هذا السياق، طرحت أكثر من جهة سؤالا مركزيا عن ماهيّة قدرات ​الجيش اللبناني​ العسكريّة اليوم، والبلاد مهددة بأخطار خارجية ومشاكل اجتماعية واقتصادية ومعيشية مزرية، والنَّاس في الشارع تهدد وتتوعد؟ وسألت: ما هو المطلوب كي يصبح الجيش اللبناني قادرا على التصدي لاسرائيل ليدافع عن الحدود ولحفظ الامن؟.

يعتقد عدد من الخبراء، ومعهم مصادر سياسية ودبلوماسية، انه رغم الطريق المسدود الذي واجه السلطات الدستورية في العامين الماضيين، فإن الجيش اللبناني بقي في جهوزية تامة، وبقوّة قتالية فعّالة، وذلك يعود الى المساعدات العسكرية التي حصل عليها.

وترى مصادر دبلوماسية اميركية بشكل خاص ان تركيبة الجيش اللبناني الذي يضمّ عناصر من جميع الطوائف اللبنانية والمناطق الجغرافيّة اللبنانية، كانت الدافع لحصوله على هذه المساعدات.

والمعروف ان الجيش حصل خلال عقد من الزمن على حوالي مليار ونصف مليار دولار أميركي على شكل ذخائر ومعدات وتدريبات للضباط والافراد.

ويقول بعض المحللين ان هذا التوجه في دعم الجيش اللبناني كان قائما حتى قبل إندلاع الحرب السوريّة في العام 2011، مشيرين الى حصول تحوّلات في نظرة الغرب الى القوّات المسلحة اللبنانية، وبالتحديد واشنطن بعد أزمة ومعارك نهر البارد في العام 2007.

وأضاف هؤلاء انه خلال السيطرة السورية على لبنان التي انتهت في العام 2005، حصل تقلص في المساعدات الخارجية العسكرية للبنان، حيث اصبحت في وضع ضعيف، وان معارك نهر البارد وبحسب احد الضباط المتقاعدين كان يجب ان تنتهي خلال اسبوعين، لكنها استمرّت حوالى ثلاثة اشهر.

واشار هؤلاء الى أن هذه المعركة دفعت بواشنطن الى زيادة مساعداتها العسكرية وبالتحديد في الذخائر التي تم شحنها عبر طائرات من نوع S 17، وانه مع بداية الحرب السورية تبدلت استراتيجية لبنان العسكرية وكذلك الدوليّة، وبدأت الدوائر الاميركيّة تنظر الى لبنان على انه حصن ضد انزلاق العنف في سوريا وتمدد المنظمات الارهابية مثل داعش والقاعدة، واتخذت إجراءات في محاولة لتشكيل "درع عسكرية" حول الدول المحيطة بسوريا، مثل الأردنّ وتركيا ولبنان.

ولاحظ هؤلاء انه في الوقت الذي انخرط الجيش اللبناني في قتال ضد الإرهابيين على الحدود الشماليّة الشرقيّة، زادت المساعدات العسكريّة الاميركيّة بسرعة فائقة، حيث رأى خبراء عسكريون انه في فترة زمنية قصيرة وبسب تدفق المعدّات اصبح الجيش قادرًا على القتال ليس فقط لأسابيع بل لأشهر من دون مساعدات خارجية.

وأخيرا، سلطت مصادر دبلوماسية أميركية الضوء على قرب حصول الجيش على طائرات A 29 سوبر توكانو لسلاح الجو، وهذه هي المرة الاولى -في حال وصول هذا النوع من الطائرات- يكون لديه طائرات هجومية، خصوصًا وان سلاح الجو هو الحلقة الأضعف في بنيانه.

وتقول مصادر سياسية ونيابية لبنانية، "اذا كانت المساعدات الخارجية مكنت الجيش من تخطّي مراحل صعبة وخطيرة، فماذا تنتظر الدولة اللبنانية لجعله قادرًا على مواجهة الاخطار القادمة، والتهديدات الأمنية على لبنان والمنطقة اكثر من ان تحصى وتعد؟

وأكّدت هذه المصادر أنه اذا كانت حجة السياسيين بعدم توفير الأموال الكافية للجيش هي عدم وجود موازنة عامة للبلاد منذ أعوام عدّة، فإنّه يجب على الموازنة والّتي هي قيد الإعداد أن تلحظ أموالا كافية للتسليح، لأن عروض إيران وانتظار إفراج السعودية عن هبة المليارات للجيش، تحمل كلّها في طيّاتها شروطا من شأنها أن تحدّ من حرية لبنان وجيشه في طريقة الدفاع، والمطلوب استراتيجية دفاعية كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد وضع معالمها خلال الحوارات التي عقدت سابقا وبحضور جميع زعماء البلاد والتي خصصت لمعالجة سلاح حزب الله.