على وقع الضجيج اللبناني الشعبي الصاخب احتجاجا على عدم اقرار سلسلة الرتب والرواتب كما يريد المستفيدون منها من جهة، والعزم على رفع الضرائب من جهة أخرى، وفي ظل عدم توافق القوى السياسية اللبنانية على قانون انتخابي جديد، ما يشير بوضوح الى تأجيل الانتخابات النيابية تقنيا، رغم توقيع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، يمضي الملف الفلسطيني قدما خلافا لعادته بهدوء وروية، لتشهد القوى الفلسطينية مخاض ولادة "القوة المشتركة" في ​مخيم عين الحلوة​ لحفظ أمنه واستقراره مع الجوار، في عملية "طبيعية" ولو تعثّرت بضعة ايام، دون الحاجة الى اللجوء لعملية "قيصرية"، حيث يتوقع ان تعطى "القيادة السياسية الموحدة" في لبنان، "الضوء الاخضر" للانتشار في غضون ايام قليلة.

ضوء أخضر

"الضوء الاخضر" الفلسطيني، لانتشار "القوة المشتركة" في عين الحلوة، ينتظر في بعض محطاته "الشارة" اللبنانية لجهة الموافقة على تغطية الضباط والعناصر فيها، قضائيا وقانونيا وامنيا بعد رفع جدول بالاسماء، في وقت انجزت فيه كافة الترتيبات اللوجستية لجهة التوزيع والتموضع، حيث سيكون في ثلاث "نقاط ساخنة"، مكتب "الصاعقة" قبالة مفرق سوق الخضار، بيت مستأجر عند مفرق "بستان القدس" ومدرسة "الكفاح" سابقا، مقر "الاتحادات الفلسطينية" وسيكون المقر الرئيسي للقوة المشتركة.

وأبلغت مصادر فلسطينية "النشرة"، ان القوى الفلسطينية والاسلامية تحديدا نجحت في تذليل بعض العقبات التي طرأت على التحضيرات لجهة اعتراض بعض الناشطين الاسلاميين على جعل مدرسة "الكفاح" سابقا مقرا رئيسيا للقوة وعدم نشر عناصر امامها، او نصب كاميرات مراقبة، او اعتراض اي من المارة في المكان، وعلى التمركز قرب سنترال البراق عند مفرق "بستان القدس" قبل دفع "ديات" الضحايا في الاشتباكات الاخيرة والتعويض عن المتضررين، ناهيك عن اعمار الضباط والعناصر في "القوة" التي يجب ان تكون اقل من خمسين عاما.

تذليل عقبات

مقابل تذليل هذه العقبات، انجزت القوى السياسية ترتيباتها كافة، عينت قائد القوة المشتركة العقيد الفتحاوي بسام السعد ونائبه "الحمساوي" صالح الغوطاني، وفرزت ممثليها السياسيين التي ستشكل المرجعية المباشرة، وقررت عن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، العميد ماهر شبايطة (فتح)، يحي حجير (جبهة التحرير الفلسطينية)، حسين حمدان (الجبهة الشعبية)، فؤاد عثمان (الجبهة الديمقراطية) وعمر النداف (حزب الشعب الفلسطيني)، وعن تحالف القوى الفلسطيني ابو احمد فضل (حماس)، عمار حوران (الجهاد الاسلامي) ابو بسام المقدح (الصاعقة)، ابو علي احمد (القيادة العامة) وابو حسن كردية (فتح الانتفاضة)، وعن القوى الاسلامية، نصر المقدح (الحركة الاسلامية المجاهدة) وابو صهيب دهشة (عصبة الانصار الاسلامية) وعن "انصار الله" (ابو شادي كردية)، اضافة الى فرز ضباطها العسكريين الذين سيشكلون هيئة الاركان وهم الى جانب السعد وغوطاني، (4 للمنظمة، 4 للتحالف، 2 للقوى الاسلامية وواحد انصار الله).

واوضحت مصادر مسؤولة لـ"النشرة"، انه لم يطرأ اي تعديلات جوهرية على الصيغة السابقة لتشكيل "القوة المشتركة"، واتفق مجددا على 100 ضابط وعنصر، 60 من حركة "فتح" وفصائل "المنظمة"، 40 من "التحالف" و"القوى الاسلامية" وانصار الله"، على ان تموّل كما كانت 80% من "فتح" و20% من حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي".

مخاوف أمنية

ومع انجاز كافة الترتيبات الادارية والتنظيمة والعسكرية واللوجستية، بإنتظار "ساعة الصفر"، لم تخف اوساط متابعة قلقها وخشيتها من توتير أمني في هذه الايام الفاصلة قبل الانتشار الميداني بهدف خلط الاوراق وايقاع الفتنة، وقد بدت مؤشرات التوتير تظهر في القاء القنابل حينا، ووقوع سلسلة مشاكل احيانا تعيد الى الواجهة الثأر والانتقام، ولكنها في الوقت نفسه أعتبرت ان تشكيل هذه "القوة المشتركة" "أفضل الممكن" في المرحلة الراهنة في ظل تصاعد الخلاف الفلسطيني الخارجي وانعكاسه ولو جزئيا على الساحة اللبنانية، وأمامها تحديات كبيرة لجهة فرض الأمن والإستقرار وستكون موضع إختبار عند أول اهتزاز امني لتثبيت دورها واعلان وفاة معادلة "الامن بالتراضي" والمربعات الامنية".

خلاصة القول، عين الحلوة وقواه السياسية وقوته المشتركة على المحك، بما يشبه فتح صفحة جديدة، على المستوى الداخلي ومع الجوار اللبناني، صحيح طارت فيها "الخطة الامنية" التي اتفق عليها سابقا وإستعيض عنها بـ"القوة المشتركة"، أم ستكون مجرد تقطيع مرحلة، بعدما انتهت جولة الاشتباكات الاخيرة بانتظار جولة أخرى؟.