لا يزال مرض السرطان يشكّل هاجساً في المجتمع اللبناني وفي المجتمعات ككلّ لدرجة أن بعضهم يرفض التحدث عنه أو مجرّد التفكير فيه، معتبرين أن الإصابة به عقاب ينزله الله بالبشر. ولكن للكاتب ​هادي المر​ّ نظرة "روحانية" لهذا الموضوع تناولها في كتابه الذي يحمل عنوان "رسالة الى أختي المصابة بأوجاع السرطان".

لم تبدأ رحلة كتابة النصوص الموجودة في الكتاب عن عبث بل مصادفة. إذ بحسب ما يروي الكاتب هادي المر لـ"النشرة" أنه "وذات يوم رأى في حلمه شخصاً توفي اثر اصابته بالسرطان بعمر الخامسة والعشرين وكان ذلك في وسط العام 1990 وطلب منه صلاة "المسبحة"، في المقابل أعطاه أختاً وهي كناية عن كلّ شخص تعذّب بالسرطان".

الحلم حثّ هادي المرّ على المباشرة بكتابة النصوص التي تحمل مجموعة رسائل، وفي 230 صفحة يتألف منها الكتاب سعى وباللهجة اللبنانية، التي يعتبرها لغة حميمة تساعد الناس المتألمين وتزرع الفرح والرجاء في نفوسهم وتحاول تحفيزهم لتخطيّ المرض. مشيراً الى أن "الكتاب يتطرق أيضاً الى مسألة العلاج الطبي والصيدلي والمواكبة النفسية لهؤلاء المرضى، لكنه يتحدث في نفس الوقت عن أمر بالغ الأهمية وهو "المرافقة بالصلاة"، بالتشديد على أهمية الصلاة مع ومن أجل هؤلاء المرضى لأنها الطريقة المثلى التي تعطيهم الدفع للإستمرار والمضي قدماً ومحاربة هذا المرض".

يسلّط الكاتب الضوء أيضاً على مسار معاناة المتألمين، فهناك الكثير من الأشخاص المصابين يطرحون تساؤلات وبإستمرار دون إيجاد الأجوبة عليها: لماذا أنا؟، من المسؤول... وغيرها من الأسئلة التي يرى هادي المرّ أنها "مهمّة وتعطي بعداً للألم"، لافتاً الى أن "هذا الجزء يتضمّن بعضاً من الأجوبة على كل الأسئلة التي ترد في ذهن المصابين عبر حوار يجريه الكاتب مع هذه الشقيقة (كل شخص مصاب بالسرطان)، مقدّماً حلولاً في نهاية المطاف".

في الجزء الأخير يروي الكاتب "كيف ظهر له شخص كان دخل في الغيبوبة بعد إصابته بالسرطان، وإنتقل الى الحياة الأخرى عبر شعاع نور تراءى لهذا الشخص فكانت مريم العذراء التي أخذته بيده"، قائلةً له "ننتظرك والملائكة في العرس السماوي لنبدأ الحفل"، شارحاً أن "من هذه الفكرة إستوحيت صورة غلاف الكتاب وهي بوابة مفتوحة الى السماء الملبدّة بالغيوم، فيما البخور والنور يتصاعدان بقوّة نحو الأعالي".

العبرة الأساسية التي يريد الكاتب هادي المرّ التشديد عليها من خلال هذا الكتاب هي "الرجاء"، مؤكداً أن "كل شخص يتألم بهذا المرض سيرى نفسه بهذه النصوص وسيعطي معنى للألم"، مؤكداً أنه "يجب البحث عما هو موجود في غير هذه الحياة التي نبدأها على الارض، وتحمّل الألم يساعد الإنسان على معرفة الى أين سيتجه في الحياة الاخرى"؟.

إذاً يعتبر هذا الكتاب نادراً من حيث الموضوع الذي يتطرّق اليه ويحمل أبعاداً روحية لمعنى الألم، ويساعد بنصوصه مرضى السرطان على تخطّيه.

تجدر الاشارة الى أن حفل توقيع الكاتب سيجري في الخامس والعشرين من آذار الجاري الساعة السابعة والنصف مساء في كنيسة مار أنطونيوس الكبير في الجديدة.

تقرير: ​باسكال أبو نادر