لا تزال تداعيات مظاهرة يوم الأحد الفائت تثير زوبعة في الفلك اللبناني، الّذي لا يزال يعاني من صدمة الدوران في فلك القانون الانتخابي الّذي لم يرَ له طريقًا نافذًا حتى الساعة، في ظلّ وضع بعض الكتل النيابيّة للعراقيل أمام صدور أي قانون انتخابي حديث يريح المواطن، ويزيح عن كاهله عبء الطبقة السياسيّة الفاسدة.

في السياق عينه، أشارت معلومات كشفتها مصادر وزارية لـ"النشرة"، ان اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ قبل سفر هذا الاخير الى القاهرة، تناول ما حصل في مظاهرة يوم الأحد الفائت وضرورة تفعيل الاجهزة الرقابية، وكيفيّة الرد على شعارات المطالبة بمحاربة الفساد التي رفعت في تلك المظاهرة، وتم استدعاء وزير الدولة لشؤون محاربة الفساد نقولا التويني الى القصر الجمهوري وتزويده بالتعليمات اللازمة لتفعيل عمل وزارته.

اما في الشق الانتخابي، فتم التوافق على اقرار قانون جديد للانتخابات في مهلة اقصاها منتصف شهر نيسان المقبل.

ورجّحت هذه المصادر، ان يشكل مجلس الوزراء في اول جلسة يعقدها والمتوقعة في مدة اقصاها الخامس من شهر نيسان لجنة وزارية من وزراء: الخارجيّة جبران باسيل، الماليّة علي حسن خليل، وزير الصناعة حسين الحاج حسن، وزير الاتّصالات جمال الجراح، وربما ينضم اليهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة بيار ابو عاصي، في حال وافق حزب الله على ذلك، لانه يعتبر ان التيار الوطني الحر الممثل باللجنة ينسّق مواقفه في هذا الملف مع وزير الخارجية الموجود داخل هذه اللجنة.

واضافت المصادر: ان مهمة اللجنة المذكورة محدّدة وهي وضع قانون جديد للانتخابات يحظى بموافقة جميع القوى الممثلة في الحكومة، في مدة اقصاها خمسة عشر يوما، تمهيدا لإحالته على مجلس النواب لاقراره، خصوصًا بعد ان تم التفاهم بين رئيسي الجمهورية الحكومة على ان يتضمن القانون الجديد مادة تسمح بالتمديد التقني للمجلس مدة اقصاها خمسة اشهر وأدناها ثلاثة اشهر، تنجز خلالها وزارة الداخلية كل التحضيرات لإجراء الانتخابات في أوائل شهر تشرين الاول المقبل.

وفي هذا السياق تؤكد مصادر نيابية في التيار الوطني الحر على التواصل مع المجموعة النيابية التي تناقش هذا الملف، بأن اللجنة الوزارية المتوقع تشكيلها ستتوصل الى اقرار قانون جديد، وكذلك الاوساط المقربة من تيار المستقبل والثنائي الشيعي حزب الله وحركة امل، بعد ظهور بوادر تفاؤلية من اللقاءات التي عقدت مؤخرا لمناقشة هذا الموضوع، وكان آخرها اللقاء الذي عقد في وزارة الخارجية مساء الأحد الفائت، وما تبعه من مشاورات بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والحريري وباسيل قبل سفر هذا الاخير الى الولايات المتحدة الاميركيّة.

واشارت المصادر المذكورة ان لقاء هامشيًّا، عقده اعضاء اللجنة الوزارية المرتقب تشكيلها رسميا في وقت سابق من هذا الاسبوع.

ولفتت، انه بالرغم من الأجواء التفاؤلية لبعض القوى السياسية الفاعلة بإمكانية توصل الحكومة الى الموافقة على قانون جديد للانتخابات، فإنّ التجارب السابقة التي مرّ بها هذا الملف الشائك تجعلها حذرة جدا، وتتحضّر لاحتمالات سيّئة في حال فشلت اللجنة المُشار اليها في مهمّتها .

وتنقل المصادر انه بعيدا عن الآراء القانونية والدستورية التي صدرت وتصدر من هنا وهناك فإنّ غياب قانون جديد يحتّم القول، أن لا مجال للفراغ النيابي الذي يعتبره الثنائي الشيعي لو حصل، بمثابة صفعة موجهة له مباشرة، وهذا ما عكسته أقوال وتصريحات رئيس المجلس النيابي نبيه بري المتكررة، بأن الفراغ في السلطة التشريعية يعني انهيار الدولة، وهذا غير مقبول، فلذلك لن يبقى أمام بري سوى خيار واحد وهو وفي ظل استحالة اجراء الانتخابات على أساس قانون الستّين نظرا لإصرار رئيس الجمهورية على عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وهي صلاحية غير قابلة للطعن، ان يدعو المجلس النيابي لجلسة يطرح فيها التمديد للمجلس الحالي.

وتشير المصادر ان مثل هذه الخطوة تحتاج الى أمرين اذا ما قُدّر لها ان تمر بسلام، الاول هو موافقة نصف اعضاء المجلس زائد واحد، والثانية ان تحظى بموافقة رئيس الجمهورية، اذا ما تم تعليلها بإشارة توحي الى تفاهم مبدئي على قانون جديد يتم إقراره خلال مهلة التمديد والتي لا تتعدى أشهر قليلة.

أما في حال أصر رئيس الجمهورية على موقفه الداعي الى وجود قانون جديد واضح وصريح كشرط للتمديد، فإنّ المشكلة واقعة لا محال، وان لبنان سيكون امام "حافة الهاوية" وحيال مغامرة كبيرة، ليس لقوّة سياسية معينة، بل لكل القوى وعلى مستوى البلد، ممّا يشكّل نافذة خطرٍ عليه". لأن بري وحسب المصادر نفسها ومنعا للفراغ سيصرّ على طرح التمديد للمجلس دون وجود قانون جديد، وبالتالي يبقى على رئيس الجمهورية وبعكس تصميمه على عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، إمّا أن يوقعه فيصبح نافذا، او يرفض التوقيع فيصبح نافذا بعد شهر، او يردّه الى المجلس النيابي فيطرحه برّي مجددا على التصويت، أو يطعن به امام المجلس الدستوري، حيث من المحتمل كما حصل في المرّة السابقة ان يتم تعطيل عمل هذا المجلس .

هذا في الشق الدستوري، أما في الشق السياسي فإنّ الامور وبحسب المصادر ستكون مختلفة جدا في حال وصلت الى هذه النقطة، لا سيّما وان وزير الخارجية جبران باسيل قد أشار في وقت سابق ان اقرار قانون للانتخابات اهم من العهد والتضحية به، وإن مواجهة هذا الامر ستتم بكل الوسائل القانونية المتاحة، منها النزول الى الشارع ورفع شعار رفض الميثاقية وتأمين حقوق المسيحيين في اختيار ممثليهم في المجلس النيابي، مع كل ما يتبع ذلك من تداعيات سلبيّة على التركيبة اللبنانية الحالية.

وخلصت المصادر الى استبعاد وصول الامور الى هذه النهاية نظرا لحرص الجميع على تجنّب لبنان انقسامات وتشرذم يدخله في آتون الحروب التي تعصف بدول الجوار.