اعترف بأنني وقفت حائراً أمام المذكّرة الخماسية التي تقدم بها رئيسان سابقان للجمهورية، وثلاثة رؤساء سابقين للحكومة: ميشال سليمان وأمين الجميل وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام.

بداية أود أن أشدد على الصداقة التي تربطني ببعضهم مقرونة بالمودة والإحترام، إلاّ أن قول الحقيقة يُفترض أنه لا يُفسد للود قضية.

إذاً، فلتكن مباسطة صريحة:

أولاً - لن يكون لهذه المذكرة أي فعل أو دور أو حضور في مؤتمر قمة البحر الميت. فلبنان يمتلك شرعية دستورية تمثلها مؤسساته الشرعية وأبرزها السلطتان البرلمانية والإجرائية/ التنفيذية الممثلة في القمة برئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي حرص على أن يشارك الى جانبه في أعمال القمة رئيس الحكومة سعد الحريري.

وحتى إشعار آخر لا نظن أن أحداً اعترض على شرعية الرئيس وشرعية الحكومة. وبالتالي فإن تقديم المذكرة الى القمة ليس ذا مفعول لأنه صادر عن غير ذوي صفة!

ثانياً - نفهم أن يكون الشيخ أمين الجميل يبحث عن دور بعد أن »استقاله« النجل الشيخ سامي من الرئاسة العليا لحزب الكتائب وحل فيها سعيداً... ولقد تكون المذكرة (في تقديره) مدخلاً لهذا الدور.

ثالثاً - ونفهم أن يكون العماد ميشال سليمان مصراً على أن له دوراً ما بالرغم من إنتهاء الولاية، ساعده على هذا التفكير الفراغ الرئاسي الذي أعقب عهده، وهو بالتالي مازال يبدي رأياً في التطورات والمستجدات. أضف الى انه لم يستسغ، بعد، وصول الجنرال عون الى الرئاسة...

رابعاً - ولكننا لا نفهم أن يعمل رئيسان سابقان للجمهورية على محاولة الإساءة الى موقع رئاسة الجمهورية. ولا يقلّل من هذه المحاولة القول إن البعض أطلع الرئيس عون على نص المذكرة قبل توجيهها.

خامساً - ولسنا نفهم أن يكون الرئيس نجيب ميقاتي عاملاً على محاولة إضعاف موقع رئاسة الحكومة، وبالذات رئاسة سعد الحريري الذي يقال إن مساعي حثيثة تُـجرى بين الطرفين لتنسيق موقفيهما في الإنتخابات النيابية العامة المقبلة.

سادساً - ولسنا نفهم أن يسهم الرئيس تمام سلام في إضعاف موقف رئيس الحكومة، وهذا الرئيس بالذات (سعد الحريري) الذي كان مباشرة، ومن بيت الوسط بالذات، وراء وصول رئيس الحكومة السابق الى السراي لمدة ثلاثة أشهر، فاستمرت حكومته اشهراً طويلة... طويلة...

سابعاً - أما ما لا يمكن فهمه إطلاقاً فهو موقف الرئيس فؤاد السنيورة... إلا إذا كان صحيحاً ما تردده الأفواه وتلوكه الألسن ويتغرغرون به في الأندية السياسية والصالونات الإجتماعية! فماذا يريد فؤاد السنيورة ولم يحصل عليه من الرئيس الشهيد ومن نجله الرئيس الشاهد؟!. ولن نزيد حالياً؟!.

كان ممكناً أن يكون لهؤلاء »السابقين« مواقف واقتراحات وآراء وحتى... مطامح ومطامع!. وكان ممكناً أن تكون لهم مذكرة... ولكنهم أضلوا الطريق. فالمذكرة تقدم الى رئيس الجمهورية، رئيس الشرعية اللبنانية، يعرضون فيها لمواقفهم راغبين أن يحملها الى القمة بأمانة... ولا تقدم الى أي طرف آخر خصوصاً خارج لبنان.

وما سوى ذلك فبدعة مرفوضة بالمعايير كلها... خصوصاً أن يتحدث الخمسة السابقون بإسم لبنان... وكما قلنا فهم ليسوا أصحاب صفة، للتوجه الى القمة، عبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية!

إنها غلطة لا تغتفر ومزحة غير موفقة، وتحية للرئيس نبيه بري الذي استهجن هذا التصرف غير المسؤول.