لم يتوقع الموقّعون على الرسالة الخماسية "المفخّخة" إلى القمة العربية (رئيسا الجمهورية السابقان ​أمين الجميل​ و​ميشال سليمان​ ورؤساء الحكومة السابقون فؤاد السنيورة و​نجيب ميقاتي​ و​تمام سلام​) أن تفشل في تحقيق أي هدف يذكر، لا بل أن ترتد عليهم بهذا الشكل، خصوصاً بعد أن كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد عمد إلى التنسيق مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ للظهور بموقف موحد أمام باقي الدول العربية المجتمعة في هذه القمة.

على مدى اليومين الماضيين، أظهرت العديد من القوى السياسية اللبنانية، على ضفتي قوى الثامن والرابع عشر من آذار، رفضها لهذه الخطوة غير المسبوقة وغير المبررة، نظراً إلى أن تداعياتها خطيرة جداً، وكان من الأفضل أن تنقل الرسالة مباشرة إلى رئيس الجمهورية بدل إرسالها إلى رئيس القمة العربية الملك الأردني عبد الله الثاني وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط.

وفي حين تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن الرئيس السابق ميشال سليمان هو صاحب الفكرة، تستغرب إنجرار باقي الشخصيات معه إلى هذه الخطوة التي لا يمكن القبول بها بأي شكل من الأشكال، بغض النظر عن المضمون الذي جاء لإرضاء بعض الجهات الخارجية عبر التصويب على "حزب الله" بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وتشير إلى أن الحريري نفسه لم يكن قادراً على الدفاع عنها بالرغم من موقفه المعروف من الحزب.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الرسالة الخماسيّة تستهدف في المضمون "حزب الله" لكنها في الشكل كانت موجهة إلى عون والحريري، حتى ولو كان الموقعون عليها لم يقصدوا هذا الأمر، وتوضح أنها أظهرت عدم وجود إجماع على المواقف التي سيدلي بها كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في القمة، وتذهب إلى حد وصفها بالمغامرة غير محسوبة النتائج، نظراً إلى أن بعض الجهات الخارجية قد تستغلها للتصويب على الموقف اللبناني الرسمي.

وفي حين تُصر أوساط مقاربة من الموقّعين، عبر "النشرة"، على أنّ هذه الرسالة لم تهدف للإتيان بأي جديد، بل أن القصد منها التأكيد أن ليس كل اللبنانيين موافقين على التدخل الذي يحصل في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية الأخرى، خصوصاً في سوريا والعراق واليمن، وتسأل: "ما هو الموقف الرسمي من هذه النقطة الخلافية"؟، لتجيب عن وجود "إجماع على أن السياسة الخارجية اللبنانية تلتزم النأي بالنفس عن الملفات الإقليمية الشائكة، وبالتالي هي لم تخرج عنها قيد أنملة".

من وجهة نظر هذه الأوساط، ليس هناك من مبرر للإعتراض على هذه الرسالة، لا سيما أن الجميع يعلم عن الإنقسام الداخلي في لبنان على ما يقوم به "حزب الله"، خصوصاً بالنسبة إلى مشاركته في الأعمال العسكرية في سوريا، وتشير إلى أن أغلب الأوساط الإقليمية والدولية تدرك ما هي مواقف الأفرقاء المحليين من هذا الملف، ولم يكن هناك من داع إلى إثارة كل هذه البلبلة.

في هذا السياق، تلاحظ المصادر المطلعة أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يعلق على هذه الرسالة بأي شكل من الأشكال، في حين أن تعليق رئيس الحكومة سعد الحريري عليها كان بمثابة تجاهل لها، بينما كان هناك أكثر من موقف لرئيس المجلس النيابي نبيه بري منها، وترى أنه بغض النظر عن عدم الأخذ بها من قبل الجامعة العربية، فإن المطلوب بعد الإنتهاء من القمة معالجة هذا الخلل لمنع تكراره، خصوصاً أن رسم السياسة الخارجية للبلاد لا يقع على عاتق بعض المسؤولين السابقين.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، هذه الرسالة سقطت على الطريق بين بيروت وعمان لكن لا يجب أن تمر مرور الكرام، حتى وأن كانت نتائجها السلبية أرتدّت على الموقّعين عليها في نهاية المطاف، وتسأل: "لمصلحة من كان القول بوجود إنقسام داخلي على مستوى الموقف اللبناني"؟.

في المحصلة، نجح كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في إحتواء الموقف، في حين فشلت الرسالة الخماسيّة في تحقيق الهدف المعلن منها، ولكن هل تمر من دون مساءلة أو محاسبة؟.