حتى هذه اللحظة، ما من غبار ظهر على عمل وزير الأشغال العامة والنقل ​يوسف فنيانوس​ منذ توليه حقيبته. وعلى رغم الفترة القصيرة الممتدة منذ تشكيل الحكومة وحتى اليوم، لمس اللبنانيون تغييراً واضحاً، وشعروا أن وزارة الأشغال بعهدة الوزير فنيانوس، لا تشبه من قريب أو بعيد وزارة الأشغال التي عرفوها في سابقا.

هذا التغيير الملموس، لا سيما على صعيد شفافية المناقصات والمزايدات الضخمة التي تجريها الوزارة، خلق لدى الأفرقاء السياسيين على الطاولة الوزارية، قناعة بأن ممثل تيّار المرده في الحكومة، يريد فعلاً طيّ صفحة العمولات والصفقات المشبوهة التي رافقت الوزارة في السابق، وما زاد هذه القناعة لدى الوزراء هي مزايدة السوق الحرة في ​مطار بيروت الدولي​ (وهي من أكبر المزايدات التي تبرم في مؤسسات الدولة من ناحية قيمتها المالية)، التي وبحسب المعلومات لم يعترض عليها أي فريق سياسي داخل مجلس الوزراء، كما أن ما من شركة ذهبت لتطعن بشفافيتها أمام القضاء المختص. وفي المعلومات التي رشحت عن مزايدة السوق الحرة، علمت "النشرة" أن فنيانوس تلقى ذات يوم إتصالاً مصدره رجل أعمال خليجي يطلب فيه الأخير بصراحة ووقاحة، بأن تقسّم مزايدة السوق الحرة الى مزايدتين: الأولى لمحال بيع الخمور والسيغار، وهي التي لا تعنيه كون العمل بهذه السلع هو من المحرمات الدينية بالنسبة اليه، وثانية لكل السلع الأخرى، وبأن تفصّل المناقصة الثانية على قياس شركته، كل ذلك مقابل أن يزور الوزير فنيانوس إحدى العواصم الخليجية، وهناك سيتم تسليمه مبلغ ملايين دولار!

نعم هذا العرض الذي رفضه وزير الأشغال جملة وتفصيلاً ليس من نسج الخيال، بل هو واحد من عشرات العروضات التي تنهال على الوزراء والمسؤولين مهما إختلفت مواقعهم ومناصبهم، تارةً من رجال أعمال عرب وأجانب، وتارةً أخرى من أصحاب رؤوس الأموال اللبنانيين، كل ذلك بهدف الحصول على مشاريع ومناقصات ومزايدات وتلزيمات، بطرق بعيدة كل البعد عما تنص عليه القوانين المرعيّة الإجراء، ولأهداف تؤمن وترعى مصالح رجال الأعمال، بينما الهدف الأساس من هذه الصفقات، هو تأمين مصلحة المرفق العام، والتخفيف قدر الإمكان من كلفة المشاريع على ميزانية الدولة.

إنطلاقاً مما تقدّم بالنسبة الى مزايدة السوق الحرة في المطار، بدأت وزارة الأشغال التحضير لإجراء مناقصات تجهيزات المطار. مناقصات، عُلم أنها تتضمن شراء الأجهزة التالية: 3 أبواب لتفتيش السيارات وفحصها ستُركَّب على مداخل المطار الثلاثة (المدخل الرئيسي، الباب رقم 6 والباب رقم 12)، كاميرات مراقبة، ماكينات لتفتيش الحقائب الكبيرة وأخرى لحقائب اليد الصغيرة، حاويات تفجّر في داخلها العبوات الخفيفة والثقيلة من دون إحداث أي ضرر بالمحيط ومن دون أن يضطر الخبير العسكري لنقلها الى خارج المطار لتفجيرها.

مناقصات عُلم أيضاً أن عدد الشركات المهتمة بالمشاركة فيها غير قليل، وفي القريب العاجل جداً ستتبين خيوطها أكثر فأكثر نظراً الى صفة العجلة التي يفرضها على سلامة المطار ومواصفات الأمن فيه، سفراء الإتحاد الأوروبي، والإجراءات التي تتخذها بلادهم في المطارات.