على الرغم من الأحداث الّتي مرّت على لبنان خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي لا سيّما ما حصل في الشويفات، الا أن المعنيين الّذين يعوّلون على وعي القيادات اللبنانيّة في لملمة ما حصل في السرعة اللازمة، تبقى الأنظار متّجهة الى المجلس النيابي.

في هذا السياق، وصفت مصادر سياسية الجلسة التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري يومي الخميس والجمعة المقبلين تحت عنوان "مناقشة عامة" تنقل مباشرة على التلفزيونات ووسائل الاعلام، بأكبر مهرجان سياسي منذ انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة ​سعد الحريري​.

وترى هذه المصادر ان النظام الديمقراطي البرلماني المطبّق في دول العالم يفترض وجود فريق سياسي يحكم وآخر يعارض، ومجلس نواب يحاسب، وحكومات تسقط وتسحب منها الثقة في اطار المؤسسات، لكن لبنان مستثنى من هذه المعادلة الديمقراطيّة.

وتقول المصادر ان الحكومة الحالية التي ستَمْثُل يوم الخميس المقبل أمام نواب الأمة لمناقشتها، تضم أغلبية القوى والأحزاب السياسية في هذا المجلس الذي سيناقشها ويسألها عن أعمالها ووعودها التي أوردتها في بيانها الوزاري.

وتضيف المصادر أنّ من المتوقع ان تمثل حكومة الحريري أمام البرلمانيين وهي تواجه تباعدا بين أعضائها في ملفات عدة، من المحتمل ان يطرحها عدد من النواب، مما يظهرها هزيلة، خصوصًا في ظلّ الأجواء السياسية التي تمر بها البلاد، هذا في حال خرجت من جلسة المناقشة سالمة، بحيث لا تؤدي الى مفاجآت مثل استقالة بعض الوزراء.

وأوردت المصادر بعضا من هذه الملفات على سبيل المثال لا الحصر، والتي لا انسجام وتوافق حولها ومنها:

1-بماذا سيرد رئيس الحكومة سعد الحريري على النواب ​نجيب ميقاتي​ ​تمام سلام​ او و​سامي الجميل​، الذين لا بد وان يطلبوا منه تفسيرا او توضيحا حول موقفه المعارض للرسالة التي وجهها الرؤساء الخمسة الى القمة العربية وهي موقّعة من رئيس كتلته النيابية؟

2-كيف سيكون مشهد المناقشات عندما ينبري نائب او عدة نوّاب، للردّ على الوصف الذي أطلقه نائب في كتلة الوفاء للمقاومة على رئيسي الجمهوريّة السابقين ورؤساء الحكومة الثلاثة السابقين بأنهم "عبيد"؟.

3-هل سيكتفي النواب الذين سيسائلون الحكومة ووزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ عن مشهد انتشار "فرقة العباس" في منطقة من مناطق العاصمة بحجة ​مكافحة المخدرات​، بتصريحات هذا الاخير وبالتوضيح الذي صدر عن نائب في حزب الله حول ما حصل؟.

4-كيف سترد الحكومة او الوزير او الوزراء المختصين حول ما تردد عن حصول تزوير او تشويه لمقررات مجلس الوزراء حول خطة الكهرباء؟.

5-بماذا سترد الحكومة على النواب وعلى رئيس المجلس بالذات في تقاعسها عن عدم اقرار قانون جديد للانتخابات وإرساله الى المجلس النيابي لمناقشته وإقراره، في ظلّ تحذيرات من أن عدم اقرار القانون يقود البلاد الى "حركة انقلابية"؟.

6-كيف سيكون موقف الحكومة من أسئلة النواب حول التداخل الذي تردد انه حاصل او سيحصل بين صلاحيّات مستشار جديد لرئيس الجمهورية والوزراء المختصين، لا سيّما وزير التربية ​مروان حمادة​ الذي لم يخفِ توجهه للاستقالة، ولكنه تمهّل بناء على طلب رئيس كتلته النائب وليد جنبلاط الذي طلب منه "الصمود والتصدي"؟.

7-ما هو الجواب الذي سيقدمه احد الوزراء حول الطلب من مؤسسة خاصة تدور في فلك الدولة، التبرّع بمبلغ الف دولار الى مؤسسة إعلامية حكوميّة دون موافقة مجلس الوزراء، لا سيّما وان المسؤول في هذه المؤسسة طلب تحويل المبلغ الى حسابه الخاص وهذا ما حصل، وهو يحاول ايجاد مخرج لهذه المخالفة القانونية؟.

ولم تخف المصادر نفسها وجود نوايا "خبيثة" لدى عدد من الكتل تعمل حتى ولو كانت ممثلة في السلطة الى توجيه أسهمها الى مجلس الوزراء، بقصد النيل من العهد الذي أكّد مرارا بأن هذه الحكومة ليست حكومة العهد الاولى بل هي حكومة الأحزاب والقوى السياسية التي يتشكّل منها المجلس الحالي المُمَدِّد لنفسه والذي تم الطعن فيه من قبل سيد العهد عندما كان رئيسا لتكتل نيابي كبير.

وخلصت المصادر الى الاعتقاد بأن الحكومة لن تسقط في جلسة المناقشة منتصف هذا الاسبوع، لكنها أكدت بأن ضبط إيقاعها من قبل رئيس المجلس نبيه بري لن يكون سهلا بالرغم من براعة هذا الاخير في هذا المضمار، لأنّ الرؤية السياسيّة بين الكتل وحتى داخل البعض الآخر ليست متقاربة، إضافة الى ان جلسة المناقشة هذه تأتي في اجواء انتخابية مقبلة، لن يتردد كل نائب في استغلالها لتلميع صورته، علّه يؤمن له مقعدا، سواء جاء القانون على أساس النسبية او المختلط، هذا اذا ولد القانون الجديد، واذا لم يلد فهنا المصيبة الكبرى للبنان .