انتهت المزايدات واقفلت التكهنات في ما خَص المشاورات الوزارية والنيابية حول اقرار قانون جديد للانتخابات، مع اعلان رئيس الحكومة سعد الحريري في المجلس النيابي، وقبوله بتحدي السلطة التشريعية التي رمت عليه هذه المهمة، وإبلاغه المجلس النيابي ان حكومته ستعقد نهار الاثنين المقبل جلسة وعلى جدول أعمالها حتى الان فقط قانون جديد للانتخابات.

وتعقد هذه الجلسة في ظل المعطيات شبه الثابتة والتي أفرزتها مواقف الكتل خلال الأشهر الثلاث الماضية وهي:

1-لا مجال للتمديد للمجلس الحالي الا في حال تم اقرار قانون جديد تجرى الانتخابات النيابية القادمة على اساسه، وان التمديد التقني في هذه الحال يجب ألاّ يتعدى الثلاثة اشهر.

2-اصبح التصويت على اي قانون في جلسة مجلس الوزراء يحمل في طياته قنابل وتفجيرات بعد اعتبار كتلة النائب وليد جنبلاط الذي تحدث باسمها النائب وائل ابو فاعور، الموضوع هو مشروع فتنة والتوافق هو المخرج الوحيد، ولفت رئيس المجلس نظر المتكلم وكأنه يوافقه على ما قال، بأن رئيس الحكومة لم يأت على ذكر التصويت، حيث انه من المعروف أن الذين ألمحوا الى هذا الخيار هم القوات اللبنانية على لسان رئيسها سمير جعجع، وعدد من نواب التيار الوطني الحر، وهلّلت له قناة الـOTV الذي يشرف عليها إخباريًّا مستشار رئيس الجمهورية جان عزيز.

واشارت مصادر وزارية الى ان الوزراء سيحضرون جلسة الاثنين، دون ان يكون لديهم فكرة واضحة عن التوجه او الصيغة التي سيتم اعتمادها لاقرار القانون الجديد.

واكدت مصادر نيابية في كتلة الوفاء للمقاومة ان حزب الله لن يقبل بأي صيغة غير النسبيّة وهو منفتح على مسألة الدوائر، وانه لم ولن يعطِ وزير الخارجية جبران باسيل اي جواب نهائي في هذا الشأن، لانه لم يستسغ الأسلوب الذي اتبعه، والذي قال فيه عبر الاعلام انه بانتظار رد الحزب على مشروعه، وان هناك احتمال ان يناقش وفد من كتلة الوفاء للمقاومة هذا الامر مع رئيس الجمهورية قبل جلسة الاثنين، ولكن علمت "النشرة" ان الكتلة المذكورة لم تطلب بعد موعدا لمقابلته. على الرغم من أن معلومات "النشرة" تكشف أن اللقاء مع الرئيس سيحصل خلال الساعات القليلة المقبلة بحضور باسيل، وان "لدى حزب الله صبغة لا تزعج الآخرين ولا يخسر منها التيار وهو متفائل بنجاح مهمته والتوصل الى اتفاق".

وتعتبر مصادر سياسية متابعة لهذا الملف ان جهود حزب الله ستركز في لقائها المحتمل مع رئيس الجمهورية على صيغة تعتمد النسبيّة وعلى داوئر تراعي هواجس الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط، وتحظى بموافقة جميع الكتل لتجنب مأزق التصويت المرفوض على ما يبدو حتى من الحزب حيث أشار النائب حسن فضل الله في كلمته في المجلس النيابي الى ضرورة حصول توافق حول ​قانون الانتخاب​ات الجديد، وهذا هو موقف كتلة التنمية والتحرير الذي ردّده رئيس المجلس النيابي نبيه بري عدة مرات، ورفض على اساسه مطالبة البعض بطرح كل الصيغ المتبادلة على التصويت واعتماد القانون الذي يحظى بأغلبية الأصوات المطلوبة.

وإذ لفتت المصادر نفسها الى ان الانتخابات الرئاسية الّتي حصلت بفعل الاتفاق المتماسك بين حزب الله والتيار الوطني الحر وأنتجت للبنان رئيسا، يفترض ان تعطى له كل مقومات انطلاقة الحكم على أساس قانون جديد للانتخابات، اعتبرت ما حصل، وكأنّه خلل في رؤية كل من الفريقين بسبب الصيغ الانتخابية التي قدمها وزير الخارجية بالتنسيق مع رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، معتبرا ان العلاقة الممتازة مع الحزب ستكون فاعلة كما في الملفات الاخرى، لكن هذا لم يحصل، وهذا هو برأي المصادر علّة العلل في عدم التوصل الى توافق حول قانون جديد للانتخابات.

وتؤكد المصادر، ان الحلّ الوحيد المتبقّي امام تجنب لبنان ازمة سياسية ودستورية كبيرة يمكن ان تزلزل البلد، والتي ما انفك الجميع، وفي طليعتهم رئيس المجلس النيابي يحذر منها على الرغم من أنّها صعبة ولكن ليست بمستحيلة، هو التوافق بين رئيس الجمهورية وحزب الله على صيغة لقانون قائم على النسبية ويراعي في تقسيم الدوائر كل الطوائف والقوى السياسية، وهذا ما ستظهره الايام القليلة القادمة، بغض النظر عمّا سيدلو به النواب من مواقف في ما تبقى من جلستي المناقشة العامة، وفي حال تعثّر مثل هذا الاتفاق فإن الامور ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات السيئة.