بلورت الأزمة السياسية الاخيرة ماهية الرئيس القوي، واهمية أن يكون للبلاد رئيسا من هذا الطراز، يكون صمّام الأمان عندما تحل أزمات سياسية طارئة، حسب مصادر وزارية. وأشارت الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس قوي ليس لانه فقط استعمل حقا دستوريا لم يلجأ اليه اي رئيس للبلاد منذ العام 1926، وعلق جلسة مجلس النواب التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعلى جدول أعمالها بند ​التمديد​ الثالث للنواب، بل لأن شعبه تصدى وبزخم لقرار التمديد الذي تقرر وبحسب هذه المصادر من دون التشاور مع رئيس الجمهورية أو مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، خصوصًا وان الاخير كان منكبًّا وبشكل جدي على الوفاء لوعده امام المجلس النيابي، بأن تنجز حكومته قانونا جديدا للانتخابات وترسله للمجلس دون ان تتخطى المهل الدستورية.

وتعتقد هذه المصادر انه اصبح من الصعب، إن لم يكن من المستحيل التمديد للمجلس النيابي حتى ولو لم يتمّ التوصل الى توافق حول قانون جديد من الان وحتى الواحد والعشرين من شهر أيار المقبل موعد الجلسة المخصصة للتمديد، لان رئيس الجمهورية سيطعن بأي قانون يشرّع التمديد اذا لم يقترن باقرار قانون جديد للانتخابات، ويرافق ذلك تحرّك جمهور هذا الرئيس بشكل أوسع لمنع التمديد .

وسألت المصادر الوزارية عن الاسباب التي دعت رئيس المجلس النيابي الى هذا النوع من التسرّع، بحيث أنه لم يعط الحكومة الفرصة لانجاز قانون وعدت بإنجازه، طالما ان التأجيل الذي فرضه رئيس الجمهورية لا يدخل في المحظور القانوني الذي يهددّ به .

ويبدو، بحسب مصادر نيابية، ان كل المحاولات التي سبقت تحديد جلسة للتمديد للمجلس النيابي الحالي مرّة ثالثة، كانت إما للتمويه أو لرفع العتب وتبادل الاتهامات بين القوى السياسية حول من هو الذي يعطّل إقرار قانون جديد للانتخابات، أو لكل هذه الاسباب مجتمعة.

ورأت المصادر انه بالرغم من تكرار الجميع وتأكيدهم على العيش المشترك والديمقراطية، ونبذ الطائفية البغيضة، فإن هذه الثوابت ليست سوى كلام لذر الرماد في العيون. وتجزم المصادر ان ما وصلنا اليه اليوم يتطلب معالجة طائفية ل​قانون الانتخاب​ والابتعاد عن شعارات الديمقراطية ومقارنة لبنان بالدول التي تعتمد قولا وفعلا هذا النمط من التعامل.

وسألت المصادر، ما الذي يمكن عمله اذا كانت ادعاءات البعض من ان الحلف الرباعي اي الثنائي الشيعي والمستقبل والاشتراكي، يريد قانونا انتخابيا يحول دون حصول المسيحيين على أغلبية في المجلس النيابي تحسّن اوضاعهم في اتخاذ القرارات على المستوى التشريعي والسياسي؟!. في المقابل ما هو الدواء المطلوب لمعالجة هواجس البعض الآخر، من ان الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله يعمل لإقرار قانون انتخابي يؤمن له أغلبية مريحة تحسبا للمرحلة المقبلة، التي ربما يحتاج اليها للتصدي لما يمكن ان يحصل في سياق التطورات الإقليمية، والتوجهات الاميركية التي لا تنفك عن محاصرته على الاصعدة كافّة، وآخرها ما تردد عن التحضير لقوانين جديدة تتعلق بفرض عقوبات مالية عليه عبر المصارف اللبنانية ومطالبة واشنطن بإنسحابه من سوريا؟

وأملت المصادر ألاّ تدخل المرجعيات الدينية، سواء الاسلامية او المسيحية، في سجالات حول التطورات السياسيّة الاخيرة كي لا تصب مزيدا من الزيت على النار.

وذكرت المصادر ان جميع رؤساء الأحزاب الطائفية مارسوا ويمارسون العمل السياسي والاداري على أساس مصالحهم، ويتصرفون بغضّ النظر عن القوانين المرعيّة الإجراء وكأنّ الدولة هي ملك لهم وحدهم، والأمثلة القريبة والبعيدة لا تزال أمامنا، ومنها التعيينات الأمنيّة الاخيرة والتشكيلات في قوى الامن الداخلي والرد عليها، متجاهلين أبسط القواعد التي تحددها الأنظمة والقوانين.

وقالت المصادر، لقد وصلنا اليوم الى مرحلة لم يعد معها التسويف والتأجيل مقبولين، ويجب التعامل مع كل هذه الوقائع بموضوعيّة، وعلى كل طائفة ان تتنازل او تقبل بتسوية ما ولو كان على حساب مصالحها الشخصية، تمهيدا لإفساح المجال امام التوافق على قانون انتخابي يعطي كل ذي حق حقه، او إنطلاق آلية حواريّة تخصص للبحث في تركيبة سياسيّة جديدة، مهما كانت تسميتها، تضمن الاستقرار سياسيا حتى ولو كرست الطائفية التي لا يبدو ان الخروج منها ممكنا اقله في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة، في ظل ما تعرض ويتعرض له المسيحيون في عدد من العواصم العربية.

وترى المصادر انه مع علم الجميع ان التمديد للمجلس النيابي لعام واحد او اكثر اصبح من سابع المستحيلات، فإن عليهم وفي مقدمهم رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجيّة جبران باسيل، ان يعملوا من دون ضجيج للتوافق على قانون في مهلة اقصاها منتصف أيار المقبل، قبل خراب البصرة.