رغم تسميته بجيش الدفاع الاسرائيلي، الا انه ومنذ تأسيس اسرائيل، لم يكن مضطرا ولو لمرة واحدة أن يكون دفاعيا، بل على العكس تماما، كان يجهد لتطوير منظوماته الهجومية اقتناعا منه بأن حروبه لن تكون سوى على أرض "الغير". حسنا هذا كان في الماضي، ففي يومنا هذا، نرى وبأم العين أن التدابير الاسرائيلية المتخذة على طول الحدود الجنوبية من الناقورة الى مزارع شبعا تهدف لأمر واحد فقط: منع حزب الله من احتلال الجليل.

لا يخفى واقع انهماك الجيش الاسرائيلي "بتحصين" الحدود على أحد، ومن كان لديه الشك، تأكد اليوم بعد جولة اعلامية ضخمة نظمتها وحدة العلاقات الاعلامية في حزب الله على الحدود الجنوبية وتحديدا في بلدة اللبونة. ثلاثة مواقع اسرائيلية رصدتها عيون الكاميرات، لتبيان حجم الاجراءات الدفاعية المتخذة من قبل الاسرائيليين، مع شرح مفصل حول هذه الاجراءات من قبل "ايهاب" الضابط في المقاومة الاسلامية( اسم رمزي غير حقيقي للضابط المذكور ).

بداية الزيارة المنسقة بين ​الجيش اللبناني​ و​اليونيفيل​ وحزب الله، كانت في النقطة المواجهة لموقع حانيتا العسكري، النقطة المدافعة عن مستوطنة شلومي التي تحوي ما يقارب الـ4000 مستوطن. من امام الموقع الذي توقف عمل الجرافات حوله لحظة وصول الوفد، عرض "ايهاب" أمام الإعلاميين الواقع الجغرافي وطبيعته، الإنتشار العسكري الإسرائيلي و"الإجراءات الدفاعية" التي قام وما زال الجيش الاسرائيلي يقوم بها، وشرح كيفية تكثيف الجيش من أعماله الهندسية ورفع التحصينات الترابية والاسمنتية، وحفر الطرقات المطلة على منحدرات طبيعية قاسية، ونشر منظومات المراقبة البصرية والتجسس.

وقال الضابط نفسه: "موقع حانيتا، بالاضافة الى عدد من المواقع الاسرائيلية، يتبع عسكرياً لقيادة اللواء الغربي في اللواء 300 الذي يتبع بدوره لقيادة المنطقة الشمالية التي عيّن اللواء يؤال ستريك قائداً لها مؤخراً"، مشيرا الى ان هذه المنطقة في الجيش الاسرائيلي تتألف من فرقتين: فرقة الجليل وفرقة الجولان". واضاف: "في فرقة الجليل لواءان غربي وشرقي، اللواء الغربي اي اللواء 300 يضم 3 كتائب، هي كتيبة ليمان الساحلية التي تعنى بحماية الساحل والشاطئ، وكتيبة زرعيت، وكتيبة إيفيفيم، وتتألف كتيبة زرعيت من عدة سرايا، هي سرية العلّام المسؤولة عن موقع "جل العلام" الذي زاره الوفد، والذي يضم أكبر منظومة تجسس ومراقبة، ونقطة حانيتا العسكرية، ونقطة الشجرات، وموقع الحمرا العسكري الذي كان بداخله قبل حوالي العام تجهيزات وعتاد وتم تحويله مؤخرا بعد جرفه الى سواتر دفاعية".

وقد كثف الجيش الاسرائيلي اجراءاته في هذه المواقع لاعتقاده ان عناصر المقاومة سوف يدخلون منها الى مستوطنات الجليل، الا ان هذه الاجراءات لن تردع المقاومة عن تحقيق النصر في اي مواجهة مقبلة مع اسرائيل، وفق ما اكد.

بعد "حينات"، تقدم الوفد الاعلامي برفقة عناصر مخابرات الجيش اللبناني والمقاومة الى نقطة "تلة النمر" الخالية من أي تواجد عسكري اسرائيلي، والتي تعتبر النقطة الاقرب الى السياج الفاصل، ومن ثم توجه نحو موقع "جل العلّام". في الطريق حاولت عناصر تابعة للكتيبة الايطالية في اليونيفيل منع الوفد من التقدم، الا أن تدخل عناصر مخابرات الجيش سمح للوفد متابعة سيره الى محاذاة الموقع. هناك "فقد" أحد عناصر اليونيفيل اعصابه وبدأ بالصراخ طالبا من الاعلاميين الابتعاد، ولكن مرة جديدة وقفت مخابرات الجيش اللبناني بالمرصاد.

بعد "جل العلّام" انتقل الوفد الاعلامي نحو موقعي "الشجيرات" و"الحمرا"، النقطة الأخيرة خلال الرحلة والتي تكشف منطقتي حيفا (تبعد 33 كيلومترا) وميناء عكا، ويظهر بمقابلها بوضوح خزانات الامونيا التي هددت المقاومة بضربها، وفيها تم الاستماع الى مزيد من الشرح من قبل الضابط في المقاومة الذي اشار الى أن الجيش الاسرائيلي عمل منذ حوالي العام على بناء تحصينات ووضع سواتر، وقام بإجراءات دفاعية ضخمة جداً تحاكي منع تقدّم أفراد المقاومة باتّجاهه. ولفت النظر الى نقاط عدّة كانت عبارة عن منحدرات خضراء قبل أن يقوم الاسرائيليون بجرفها ورفع سواتر ترابية عالية لمنع العبور وبناء بلوكات اسمنتية خلف السياج الإلكتروني.

وبحسب ما عاينه الاعلاميون، لم يكن هدف الجولة الحدودية "الاستعراض الاعلامي"، فقد علمت "النشرة" من مصادر مطلعة، ان حزب الله اراد توجيه رسالة واضحة لاسرائيل مفادها "اننا نعلم بكل اجراءاتكم وبالتفصيل، ويجب ان يعلم العالم أن المقاومة جاهزة للرد على أي اعتداء مقبل". واضافت المصادر: "منذ ايام قامت قناة المنار بعرض وثائقي يفصّل الاجراءات الاسرائيلية الدفاعية ويرصدها بالصورة، الا ان الاسرائيلي لم يخفف من زخم عمله، لذلك كان لا بد من فضح الاجراءات على نطاق أوسع، وهكذا كان"، مشيرة الى أن هذه الاجراءات الذي تؤكد الخوف الاسرائيلي تدل على احتمالين، فإما أنه مقبل على ارتكاب "حماقة" ما تجاه لبنان، وإما انه يحاول الإيحاء باقتراب الحرب".

رفض ايهاب الحديث عن إجراءات الحزب لمواجهة دفاعات اسرائيل، لكنه قال أن عقيدة الإسرائيلي تحوّلت من العقيدة الهجومية البحتة الى العقيدة الدفاعية، وأكد أن المقاومين ملتزمون بأمر القيادة ولا يخشون الحرب ولا يترددون في مواجهتها بل هم مشتاقون اليها وسيواجهونها اذا فرضت عليهم وسينتصرون بها. فهل تكون الأيام المقبلة، اياما ملتهبة على الجبهة الجنوبية، ام أن ما قاله أحد الاعلاميين الاجانب الذين شاركوا بالجولة عن "اننا الان في أكثر مكان آمن في العالم" سيستمر الى القادم من الأشهر؟

لمتابعة ملف الصور كاملااضغط هنا