في بداية التسعينات من القرن الماضي، التقيت ميشال حداد لأول مرة، وقد جمعتنا لقاءات وأحاديث ناقشنا خلالها كافة الأزمات التي يعاني منها لبنان، من فساد واحتلالات اسرائيلية وسورية وصولاً الى وضع خطط لإبقاء شعلة التحرير مضاءة والتنسيق مع الجنرال (الرئيس ميشال عون) في منفاه.

كان ميشال مثالا للإلتزام والعمل الجدّي في تلك المرحلة من خلال تأسيس الهيئات الطلابية في كافة الجامعات حيث حققنا انتصارات عظيمة، كما في العمل الميداني السري آنذاك والعلني فاستحق ورفاقه وصف الجنرال لهم بجيش جدعون...

وقد ترأس ميشال في تلك المرحلة رئاسة الهيئة الطلابية ومن بعدها عضوية هيئة المعلمين وفي هيئات المناطق، وفي لجنة الطلبة المركزية وفي العديد من المسؤوليات آنذاك...

إنّ ميشال رجلٌ مناضل صلب في مواجهة الخصوم مثقف، ذو رؤية سياسية واضحة، حميد الأخلاق نظيف الكف، لا يحني رأسه لأحد إلا لخالقه... ميزة ميشال التحرّر من الطائفية ومكافحتها مجنداً كل طاقته في سبيل التحرر والإنعتاق والحرية.

ان ما اعبر عنه في كتاباتي هذه قناعات راسخة بمبادئ ناضل ميشال ومات من اجلها وبسببها... والى جانب نضاله المستميت اسس ميشال عائلة مميزة ورباها على المبادئ الوطنية وحب لبنان... وبعد كل المعاناة من تضحية وعذاب وتهديدات دقت ساعة الحقيقة بعودة القائد من منفاه، وكل ذلك عائد لنضال ميشال وامثاله في التيار الذين لم يهدأوا يوما ولم يستكينوا...

امّا المفاجأة الكبرى، قد اتت بردّ الجميل لميشال ورفاقه في التيار الذين طردوا بعد خمسة وعشرين عاماً من النضال والكفاح والعذاب..

فيا صديقي الوفي، في كل لحظة تمرّ علينا أستذكر أقوالك وصوتك الصارخ دائماً: "ماذا عسانا نفعل يا شباب، لا يمكن ان نهدأ ولو فصلنا التيار، تيارنا هذا، نحن من ربّاه وسهر عليه برموش أعيننا، ولو أنّ بعض المتمولين والمنتفعين قد اخترقوه بأموالهم العفنة ولكن انهم تجار الهيكل مهما فعلوا ونحن جيش جدعون، وتذكروا يا رفاق النضال أن الحق سيبين وكل من تلاعب بالقضية سيعاقب بنار النور والحق".

إسمع يا أخي ميشال، إن وجعي عميق والجرح ينزف مراً وعذاباً وحرقة على قلبك الكبير، الذي حمل هموم الجميع حتى هوى بألم وسكون.

أما وعدي لك يا رفيق العمر فهو إستكمال تحقيق حلمك وحلمنا، الذي لطالما سعينا الى تحقيقه انطلاقا من قناعاتنا التي نشأنا عليها بأن تيّارنا المخطوف سيعود إلى أحضان مؤسسيه عاجلاً أم آجلاً ... نفسك بالسما...