في أقل من 24 ساعة نجحت "الرحلة" الإعلامية التي نظمها حزب الله الى الحدود الجنوبية في سرقة الأضواء من ال​قانون الانتخاب​ي وجذب كل "الأنظار" إليها، وبشكل أدق، شدها مجددا نحو الجنوب، واعادة توجيه "البوصلة" نحو ​اسرائيل​.

لم "يقلق" حزب الله من البيانات التي دانت "الجولة"، وذهبت الى حد تسميتها بـ"الخطأ الاستراتيجي" كما قال رئيس حزب القوات اللبنانية ​سمير جعجع​، فالحزب الذي أصاب "عصافير" كثيرة في جولة واحدة، أراد "التأثير" في المسار السياسي السائد، فالحديث اليومي عن قانون الانتخاب لم يؤدِّ الى نتائج ايجابية، لا بل يمكن القول أنه زاده تعقيدا، تقول مصادر سياسية مطلعة.

أهداف كثيرة أرادها حزب الله من جولة الإعلاميين، وقد تحدثت "النشرة" في تقرير بعنوان "رسالة "حزب الله" لاسرائيل: اجراءاتكم مكشوفة وحذار ارتكاب حماقات"، عن الأهداف العسكرية والاستراتيجية ضمن الصراع مع اسرائيل، لذلك لا بد من الحديث اليوم عن أبرز الأهداف الداخلية التي أراد الحزب تحقيقها.

تكشف مصادر سياسية أن "الهدف الأول يتمحور حول "تحريك" الركود السياسي المتمركز في مستنقع القانون الانتخابي، خصوصا وأن خطرا داهما اسمه اسرائيل يطرق أبوابنا بينما الجميع نائمون"، مشيرة الى أن البيانات السياسية التي صدرت خلال الجولة، وبعدها، سجّلت للحزب "الهدف" الأول.

وتشير المصادر الى أن الهدف الثاني لها كان "إعادة" توجيه البوصلة نحو الجنوب والصراع اللبناني-الاسرائيلي، معتبرة أن خطوة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بزيارة منطقة الجنوب، يرافقه وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد ​جوزيف عون​، وانطلاقها من مقر قوات ​اليونيفيل​ في ​الناقورة​ تحديدا، جاءت لتقدم للحزب أكثر مما تمنى. وتقول المصادر: "لا يريد حزب الله أكثر من زيارة رئيس الحكومة اللبنانية الى الناقورة التي غابت عن بال المسؤولين ربما، كي يرى مدى نجاح "الجولة" الاعلامية التي نظمها"، لافتة النظر الى أن أهدافا اخرى نجح الحزب بتحقيقها وهي "التأكيد على جهوزيته القتالية جنوبا بوجه "الأطراف" التي تتهمه ببيع الصراع مع اسرائيل"، "التأكيد على قوة حزب الله داخل وخارج نطاق القرار 1701، وقد تكون رسالة "الظهور" المسلّح لمجموعة صغيرة من الحزب في الناقورة، الدليل الأبرز على هذه القوة".

ماذا عن قانون الانتخاب

بالتوازي مع التحرك الميداني، كانت المشاورات في قانون الانتخاب تسير على نار حامية، الا أن الحماوة لم تنجح حتى الساعة بتسوية "الطبخة"، ولا بحرقها، تقول المصادر، مشيرة الى أن صيغة انتخابية جديدة تقدمت في الساعات الماضية وقطعت اكثر من نصف المسافة قبل أن تتجمد. وتقول: "تعتمد الصيغة الانتخابية التي نحن بصدد الحديث عنها على "النسبية" الكاملة، بتقسيم يصل الى حدود 10 دوائر، ويكون الأبرز فيه تقسيم بيروت الى دائرتين، تكون الأشرفية أساس إحداها، وتجمع مدينتي "الشوف وعاليه" في دائرة واحدة ما يريح رئيس اللقاء الديمقراطي ​وليد جنبلاط​، وتجمع مناطق "المتن، بعبدا، كسروان، وجبيل"، في دائرة واحدة، كذلك تكون عكار مستقلة، بينما لم يكن النقاش في تقسيم "الشمال" قد وصل الى نتيجة نهائية بعد".

وتتابع المصادر ان "رئيس المجلس النيابي نبيه بري أبدى موافقته على الصيغة التي عمل على تسويقها تيار المستقبل، ووافق عليها حزب الله والحزب الاشتراكي، كذلك أيد رئيس الجمهورية ميشال عون الصيغة "مشروطة"، اذ اشترط أن يكون الاتفاق عليها مكتوبا ويرافق الانتخابات انشاء مجلس للشيوخ"، مضيفة: "سبّب بند انشاء مجلس للشيوخ مشكلة اضافية، اذ أنه لن يكون امرا سهلا بظل غياب "اتفاقات واضحة" على كيفية تشكيله ومهامه وغيرها من الأمور، وهذا ما جعل عون يعدّل رأيه، طالبا بحال عدم توافر القدرة على إنشاء مجلس للشيوخ، أن يؤجل قانون النسبيّة الكاملة وأن تتم الانتخابات خلال عام واحد بأقصى حدّ، وفق قانون رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ ولمرة واحدة فقط. وهنا وقع الخلاف مجددا، اذ عبّر البعض عن رفضهم المطلق لاعتماد قانون باسيل.

كلما تقدم النقاش في القوانين الانتخابية كلما برزت موانع جديدة، وكأن المطلوب هو عدم الوصول الى قانون جديد، ولكن لم يعد هذا القانون هو الاهم اليوم، فالمشهد على الحدود الجنوبية أعاد خلط الأوراق الأمنية والسياسية. فهل نشهد حدثا يغيّر الواقع السياسي بأكمله؟