في الفترة الأخيرة، تصاعدت التهديدات الإسرائيلية والأميركية بشكل غير مسبوق تجاه "حزب الله"، الذي توسع دوره على مستوى المنطقة منذ بداية الحرب السوريّة، لكن الحزب قرر أول من أمس الرد عبر جولة إعلامية نظمتها العلاقات الإعلامية لمجموعة واسعة من الإعلاميين على الحدود الجنوبية، تبدو أهدافها مرتبطة إلى حدٍّ بعيد بالتحضيرات الإسرائيلية لعدوان جديد على لبنان، لكنها من ناحية أخرى لا تنفصل عما يتم التحضير له لبناء منطقة آمنة في حوض اليرموك على الحدود السورية الأردنية الفلسطينية.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن "حزب الله" يدرك جيداً التحديات التي تنتظر المنطقة في المرحلة المقبلة، لا سيما مع إرتفاع مستوى التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية في إيران، بالإضافة إلى التوتر الأخير الذي برز من خلال الضربة الصاروخية التي نفذتها واشنطن ضد قاعدة الشعيرات العسكرية في سوريا، بالتزامن مع الكشف عن خطتها لحل الأزمة السورية التي تقوم على أساس تقسيمها إلى مناطق آمنة متعددة.

تلفت هذه المصادر إلى أن الواقع اليوم يختلف عما كان عليه قبل سنوات قليلة، حيث لم تعد بعض الدول العربية تتردد في مواقفها المعادية للحزب وطهران من جهة، ولا تقدم على نفي المعلومات عن التحضير لحلف ناتو شرق أوسطي عنوانه محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة من جهة ثانية، لا بل هي باتت تصنف الحزب منظمة إرهابية وتتخذ إجراءات ضده، وتشير إلى الكلام الأخير الصادر عن سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، التي تحدثت عن تجاهل مجلس الأمن الدولي، خلال السنوات الماضية، التهديدات المتنامية التي يمثلها "حزب الله" وإيران في المنطقة لحساب التركيز على النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.

على هذا الصعيد، تكشف المصادر نفسها أن الأجواء المحيطة بالحزب كانت تضع في الفترة السابقة كل التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان في سياق الحرب النفسية لا أكثر، وترى أن تل أبيب غير جاهزة لشن أي عدوان جديد على لبنان بالرغم من الردّ المتكرر عليها في سياق رسم معادلات جديدة، لكنها ترى بالخطوة الأخيرة، التي قام بها أول من أمس، سعي إلى إعادة توجيه الأنظار نحو الجبهة الجنوبية، مع تأكيد أن إسرائيل خائفة من المواجهة وباتت تأخذ بعين الإعتبار قدرة الحزب على الإنتقال من الدفاع إلى الهجوم، وتسأل: "ما الذي دفع "حزب الله" إلى هذا الخيار في الوقت الذي كان يكتفي سابقاً بالرد عبر الخطابات السياسية"؟.

من وجهة نظر هذه المصادر، كل المؤشرات تشير إلى أن التحرك الإسرائيلي المقبل لن يكون في الجنوب اللبناني بل على الجبهة السورية، من خلال الإستعداد للمشاركة في حملة عسكرية ضد عناصر تنظيم "داعش" في منطقة حوض اليرموك تحت عنوان: الحرب على الإرهاب، وتلفت إلى أن تل أبيب تسعى من خلال هذه الخطوة، التي من المفترض أن تحظى بغطاء أميركي، إلى تأمين وجودها في الجولان السوري المحتل، بعد أن لاحظت العمل على بناء حركة مقاومة في تلك الجبهة، وهي لم تتردد طوال السنوات السابقة عن التدخل في المعارك الدائرة هناك لدعم الجماعات المسلحة التي تقاتل ​الجيش السوري​.

في المقابل، توضح المصادر نفسها أن الحزب بات ملتزم بمعادلة جديدة في الصراع مع الإسرائيلي، أكد عليها في الردود التي كان يقوم بها من الداخل اللبناني بعد إستهداف قيادييه في الداخل السوري من جانب إسرائيل، تقوم على وحدة الجبهات مع تل أبيب من سوريا إلى لبنان، في رسالة إلى أنه هو من يقرر ساحات المعركة لا العدو وإلى أنه لا يريد الإلتزام بقواعد محددة من قبله، وتسأل: "هل يريد الحزب اليوم أن يرد على تسليط الأضواء على المنطقة الآمنة في حوض اليرموك من خلال الحدود اللبنانية"؟.

في المحصّلة، الكثير من التطورات الغامضة تسيطر على أجواء لبنان والمنطقة، لكن الأكيد أنه لم يعد من الممكن الفصل بين الساحات المتعددة، لا سيما مع تداخل أدوار اللاعبين الإقليميين والدوليين.