تلقى بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك ​غريغوريوس الثالث لحام​ منذ أيام اتصالا من جهاز ​الأمن العام​ ال​لبنان​ي تبلّغ فيه أن رفات خمسة شبان من أبناء ​معلولا​ السورية موجودة في لبنان، وذلك بعد ان اختطفوا من بلدتهم في العام 2013 على يد المجموعات المسلحة التي هاجمتهم.

بدأت قصة العثور على الضحايا حسبما علمت "النشرة" من مصادر في نهاية العام الماضي يوم استطاع الأمن العام الوصول الى عدد من الجثث في الجرود القريبة من عرسال. وتشير المصادر الى أن "الظن بداية كان أن هذه الجثث تعود للعسكريين اللبنانيين المختطفين لدى تنظيم داعش الارهابي، يومها طُلب من أهالي العسكريين إجراء فحوص الحمض النووي، ليتبيّن بعدها أن الجثث ليست عائدة للعسكريين الذين لا يزال مصيرهم مجهولا حتى الساعة".

وتضيف المصادر: "بعد ذلك كان لا بد من البحث عن هوية الجثث لإعادتها الى حيث يجب أن تُدفن، وهذا ما دفع بالأمن العام الى طلب اجراء فحوصات الحمض النووي من قبل عدد كبير ممن فقدوا أبناءهم أو اقاربهم، في لبنان وسوريا، ليتبين اخيرا أن خمسة من هذه الجثث تعود لشبّان معلولا، جهاد تعلب وهو شقيق الراهب المخلّصي الأب طلال تعلب، وابن شقيقته شادي تعلب، غسان شنيص، عاطف قلوما وهو شقيق الراهب المخلّصي الأب مكاريوس قلوما، وداوود ميلانة".

يؤكد إبن معلولا ورفيق الشهداء، عبدو حدّاد ان اهالي الشهداء أجروا الفحوصات في لبنان مرتين قبل ان تصبح النتيجة نهائية ويتبلغها البطريرك لحام، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن مخطوفي معلولا هم ستة وتم التعرف على خمسة منهم، وبالتالي نعمل لمعرفة مصير السادس على أمل ان يكون حيا.

من جهتها تعبّر رئيسة دير "مار يعقوب المقطّع" في سوريا الأم أنييس عن فخرها وفخر اهل معلولا بشهداء البلدة الذين استشهدوا دفاعا عن إيمانهم، وقطّعت اوصالهم بسبب انتمائهم، مشيرة الى أن هذا الامر يؤشر لمرحلة خطرة وصلت اليها الأحداث في سوريا. وتضيف في حديث لـ"النشرة": "الاستشهاد رغم مرارة ما يمر به الشهيد قبل استشهاده، هو مسحة من الجلالة والتسامي لانه قبل كل شيء يتألم كي لا ينكر ايمانه".

تعبّر الأم أنييس عن حالة تململ يعيشها أهل معلولا، اذ لا يمكن بحسب رأيها إلقاء التهمة على جبهة "النصرة" وتنظيم "داعش"، فمن اختطف الشبان هم سوريون معروفون كانوا بيوم من الأيام جيران معلولا وقد يعودوا الى بيوتهم بشكل طبيعي في المستقبل. وتقول: "نحن نعلم من اختطف الأهالي، واذا لم نواجه هذه الحقيقة المُرّة فلن تنجح المصالحة، لان التصالح يقوم على الحقيقة والشفافية، والتسامح يقوم على الاعتراف"، مشيرة الى ان هذا جرح لا يتحدث عنه اهل قرية معلولا.

يظن عبدو حداد أن في الجزء الثاني من العام 2014 تم اعدام الشبان، لأن الاتصال انقطع بهم نهائيا في تلك الفترة، كاشفا أن تقرير الطبيب الشرعي الذي يصدر اليوم سيتحدث عن توقيت الوفاة وطريقة الاعدام.

إلى ذلك علمت "النشرة" أن الشبّان الخمسة تعرضوا لأبشع انواع التنكيل، فقُطِّعت أجسادهم وتشوّهت، ولعل حديث والدة أحد الشهداء عندما قالت "أتمنى أن لا يكونوا قد قُطعوا وهم احياء" كاف للدلالة على حجم الألم، ولكن في معلولا لا يمكن الحديث عن شهداء وفقط، فأهل المدينة يتحدثون عن قديسين تطوبوا لدفاعهم عن دينهم وأهلهم، قديسون سيعودون اليوم الى أرضهم التي استشهدوا من أجلها.