هناك العديد من المؤشرات التي يترقبها المتابعون للشؤون اللبنانية، ليبنوا عليها افكارهم ورؤيتهم لما يمكن ان تشهده المراحل المقبلة على الصعد كافة في ما يتعلق بمستقبل لبنان. وغني عن القول ان معظم المتابعين يرصدون باهتمام ما يصدر عن النائب ​وليد جنبلاط​ نظراً الى الصفات السياسية التي تعطى له وفق الاحداث السابقة، ومنها على سبيل المثال "بيضة القبّان". منذ فترة، عمد انائب جنبلاط الى التحذير من اضاعة الوقت في ما خص ​قانون الانتخاب​ الجديد، وارفق تحذيره بتغريدات عدة صبّت في هذا السياق، وكانت المؤشرات تفيد ان الاتفاق على قانون انتخاب لا يزال بعيداً.

بعدها، عمد الى تقديم اقتراح الحزب الاشتراكي الانتخابي عبر نائب الحزب غازي العريضي، وكانت المؤشرات ايضاً لا تزال على حالها من التباعد بين الافرقاء في ما خص القانون الجديد. ولكن ما حصل بالامس شكّل محطة اخرى، اذ لم يكتف بالتحذير، بل عمد الى مهاجمة الافرقاء والتيارات ومنها "المستقبل" -ولو انه حاول شرح ما فعله بأنه ليس استهدافاً لتيار او احد بعينه- وهذه الخطوة اعتبرها المتابعون على انها مؤشر لاقتراب نضوج حل ما في قانون الانتخاب.

وعلى الرغم من غياب اي معطيات ملموسة تفيد بإمكان الوصول الى تسوية ترضي الجميع في القانون الانتخابي الجديد، الا ان الهجوم الجنبلاطي اضاء على بعض الخفايا في الكواليس، اذ يدور الكلام حالياً عن ان النسبية اقتحمت ابواب التحصينات السياسية وباتت على طاولة البحث، الا ان الخلاف يدور حول التقسيمات والدوائر. واذا صح هذا الكلام، فهذا يعني ان جنبلاط سيكون المتضرر الاكبر من الموضوع حيث سيحاول كل فريق ان يحصل على اكبر قدر من المقاعد، قبل ان يتطلع الى كيفية مساعدته لغيره أكان حليفاً او صديقاً... وهذا الامر بذاته من شأنه ان يعود بالضرر على التمثيل الجنبلاطي في البرلمان الجديد.

ويمكن القول ان اللبنانيين لن يعمدوا الى تصديق اي شيء يقال حول قرب التوصل الى قانون انتخابي جديد، لانهم ذاقوا مرارة التمديد والفشل السياسي في هذا الشأن مرات ومرات، ولا يزالون، ولكن بعض التطورات تشير الى ان التقاء الاطراف على تسوية معيّنة في الوقت المتبقي ليست بالامر المستحيل، ومن ابرز هذه التطورات:

-اصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على صدور قانون جديد للانتخاب دون ان يتطرق الى شكله، اكان يعتمد الصيغة النسبية ام المختلطة ام غيرها... وهو يعتبر ان صدقيته باتت على المحك، وقد يلجأ الى تدابير اخرى في حال انقضت مهلة 15 ايار دون التوصل الى شيء. وهذا الوضع ينذر بمواجهة بينه ورئيس مجلس النواب نبيه بري قد تخلط اوراق الوضع السياسي كله مجدداً.

-التحركات الشعبية التي بدأت تلوح بالافق، وهي قد تؤدي الى استنتاج أن المرحلة المقبلة لن تقتصر على توتر سياسي فقط وقد تمتد الى الشارع ومنه الى الامن ربما، وهو امر يقلق الجميع في الداخل والخارج على حد سواء.

-لعبة استعراض القوة التي كان الجنوب مسرحها، والتي وان حاول البعض حصرها بين حزب الله ورئيس الحكومة سعد الحريري، الا انها فعلياً تضم بشكل غير مباشر الجميع حيث لم تكن مخفيّة الرسائل الصادرة عن بري والتيار الوطني الحر بشكل خاص، والباقين بشكل عام.

-لن تفيد المناورات التي يجريها الافرقاء السياسيون، لان الانقسام بين الثنائي الشيعي والثنائي المسيحي يهدد بشلّ البلد على اكثر من صعيد، فيما اثبت كل ثنائي انه قادر على هذا الامر ولفترات طويلة، في حين ان لا مقدرة للسنّة والدروز على تغيير موازين القوى كما كان يحصل سابقاً، وبالتالي من الافضل الوصول الى تسوية ما، فلعبة شد الحبال ستضعف الجميع، وبالاخص الاطراف الاربعة التي يتشكل منها الثنائيان.

وبالتالي، قد يكون هناك بصيص أمل خلال الاسبوعين المقبلين لايجاد ثغرة تحمل معها بشائر الخلاص المنتظر.