في وقت يجمع الكثيرين على التفاؤل بولادة قانون انتخابي جديد، يبدو أن بعضًا آخر ليس على هذه الحال ويصف ما يجري بـ"طبخة بحص" يضحك بها الساسة على الشعب اللبناني التوّاق بأن يخلّص من الطقم النيابي الحالي غير الفعّال.

في هذا السياق، أكدت مصادر نيابية وسياسية متابعة لملف اقرار قانون جديد للانتخابات، إن التمديد للمجلس الحالي في الخامس عشر من أيار المقبل، أصبح صعبًا إن لم يكن مستحيلا، وإنّ تأمين الأصوات النيابية المطلوبة للتمديد لم يعد مضمونا، بعد ان تبلغ التيار الوطني الحر أنّ رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ قرّر عدم المضي بالتمديد. ومّما سيجعل هذا القرار، صامدا حتى الساعة، ما كشفته أوساط مقرّبة من قصر بعبدا الّتي تؤكد ان لا تمديد، مشيرة الى ان المهلة التي أعطاها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للكتل النيابية للاتفاق على قانون حتى تاريخ انتهاء ولاية المجلس الحالي أصبحت حتى 20 حزيران المقبل.

وقالت المصادر ان قرار رئيس الحكومة هذا، خلق توترا بين الحريري والزعيم الدرزي النائب ​وليد جنبلاط​ الذي ظهر جليا في تعليقات هذا الاخير، وفي الأجواء التي سادت لقاء وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي مع رئيس الحكومة، حيث أبدى الوفد امتعاضه من توجه الحريري للتنسيق مع عون في هذا السياق.

وأوضحت المصادر، انه في حال بقيت وعود الحريري على حالها بعدم موافقته على التمديد في جلسة الخامس عشر من أيار المقبل، فإن هيئة مكتب المجلس تقوم بعد 20 حزيران موعد انتهاء ولاية هذه المؤسسة التشريعية، بمهام المجلس وتدعو فورا الى انتخابات على أساس القانون الساري المفعول خلال ثلاثة اشهر .

ولفتت المصادر نفسها الى ان كل هذه التطورات الدستورية والقانونية ستفرض نفسها في حال لم يتم التوافق على قانون جديد للانتخابات قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي.

وتوقعت المصادر ان إقتراح القانون الذي تردد ان رئيس المجلس النيابي سيطرحه مطلع الاسبوع المقبل، والقائم على أساس النسبيّة في عدد محدود من الدوائر لا تتجاوز الست، كما اقترح ذلك وفد حزب الله خلال لقائه ورئيس الجمهورية، سيكون مصيره كمصير باقي القوانين الانتخابيّة، لأنّه سيكون مرفوضًا من رئيس التيار الوطني الحر ​جبران باسيل​.

وتشدد المصادر على انه مع القانون الذي من المتوقع ان يطرحه بري، خصوصًا بعدما تردد ان ليس دقيقا ان رئيس الحكومة سيتقدم هو ايضا بصيغة جديدة، تنتهي جميع القوانين التي طرحت الى الفشل في التوصل الى صيغة جامعة، وهذا سيؤدي حتما الى اجراء الانتخابات في مهلة اقصاها أواخر شهر أيلول المقبل على أساس قانون الستين.

واشارت المصادر، الى ان هذا السيناريو يمكن ان يرافقه رسالة من رئيس الجمهورية الى اللبنانيين يندّد فيها بالطبقة السياسية القائمة وعجزها عن تلبية تطلعات اللبنانيين الى قانون انتخابات عادل يؤمن التمثيل الصحيح لجميع فئات الشعب اللبناني. في المقابل لا تستبعد المصادر انه في حال وصلت الامور الى اجراء الانتخابات على أساس الستين، ان تقوم تحالفات بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، بحيث يكون المرشّحون الذين يفوزون بأرجحيّة أصوات الناخبين المسلمين من حصة التيار والقوات اللبنانيّة، في بادرة ترمي الى تصحيح التمثيل على مستوى المقاعد المسيحيّة.

ورأت المصادر ان الكلام عن العلمنة وإجراء الانتخابات على اساسٍ غير طائفي وإنشاء مجلس للشيوخ دون تحديد صلاحياته، أمامها عقبات كبرى، وفي مقدمها موقف رجال الدين من مسلمين ومسيحيين، الذين يرفضون حتى ​الزواج المدني​ وقانون إختياري للأحوال الشخصية. وان التعيينات في وظائف الدولة التي هي دون الفئة الاولى لا يمكن ان تتم دون موافقة قيادات طائفة المرشحين لهذه الوظائف.

وخلصت المصادر، الى انه اذا كانت الكتل النيابيّة الاساسيّة لا تنتظر توجهات معينة من مصادر داخلية او خارجية لبت اقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات على اساسه، ضمن المهل القانونية، فإن لبنان امام خيارين احلاهم مر: اما الستين واما الفوضى .