أُنسوا الإنتخابات النيابية... ومَن يُتاح لهم أنْ يمددوا لأنفسِهم من دون كلفةٍ إضافية، لماذا يعذبون أنفسهم بالإنتخابات، وما من شيء مضمون ليعودوا نواباً؟

يكادُ هذا المضمون أنْ يكون لسان حال 125 نائباً، أو أكثرهم على الأقل. فالإنتخابات النيابية مُكلفةٌ في لبنان، ومُتعبة، يعيش المرشح قبل النتائج، تحت رحمةِ رئيس اللائحة، وبعد النتائج تحت رحمةِ الناخبين، ويبقى أربع سنوات على هذا المنوال ليُسمح له أنْ يُقلِّه قطار الإنتخابات مرة ثانية. ها هو اليوم جاهز ليقله هذا القطار مرة ثالثة بشحطة قلم فلماذا عذاب الإنتخابات؟

***

الإنتخابات في لبنان تستلزمُ فتحَ البيوت والصالونات والمثابرة على الواجبات، سواء للتهنئة أو للتعزية، والجولات الإنتخابية والإستماع إلى مطالب الناس، والموافقةَ على قبول رعاية وضع حجر أساس لمقر نادٍ أو جمعية أو صالون كنيسةٍ أو مسجد، والتبرع بالمبلغِ المرقوم في كل حفلة تدشين أو وضع حجر أساس.

الإنتخابات في لبنان تستلزم توزيع حصص غذائيةٍ، وتقديم مبالغ محددة كمساهمة في أقساط مدرسية أو جامعية، وسعي لإيجاد وظيفة لأبناء الناخبين، أو مساعدتهم في الإلتحاق بدورات الأسلاك العسكرية والجمارك وغيرها.

الإنتخابات في لبنان تستلزم سهرات يومية عند المرشح لتقويم أجواء المعركة والإحصاء اليومي للمناصرين، وتوزيع قسائمِ المحروقات، وإطلاقِ موقوف من نظارة المخفر والتكلم مع القاضي لتخفيف عقوبةٍ في قضية ما، والنزول عند رغبات المخالفين من أصحاب المقالع والكسارات والمرامل، والسعي لدى المعنيين للحصول على تراخيصِ سلاح حربي فردي.

***

لو كانت الإنتخاباتُ إذاً، لكان المرشحون مرغمين على تلبية طلبات ناخبيهم ولو وقفوا على رِجلٍ واحدة، وفي حال لم يفعلوا فإنهم سيخسرون أصوات مَن لا تُلبى طلباتهم.

لأنَّ الأمر هكذا، فإنَّ النواب حسبوها جيِّداً:

لماذا كل هذه الأشغال الشاقة الآنفة الذِكر، ولا شيء مضموناً؟

هناك طريقٌ أسرع... إنه ​التمديد​.

في التمديد يتنفس النواب الصعداء، فيُقفلونَ الصالونات السياسية ويأخذون إجازات مفتوحة ولكنْ مدفوعة، ولأنَّ التمديد، إذا حصل، فإنَّه سيكون لسنة، فينظمون عطلاتهم بعد شهر رمضان المبارك، ويهمسون بصوت واحد:

كان ونيس وموناكو وسان تروبيه، إننا قادمون... سيزدحم خط بيروت - مطار نيس، سواء بالحجوزات أو بالطائرات الخاصة، المملوكة أو المستأجرة. سيزدحم المرفأ السياحي في مونتي كارلو باليخوت الفارهة والفاخرة، المملوكة أو المستأجرة لنواب لبنانيين حاليين، ممددٍ لهم، وسيُمدَّد لهم.

***

حين يكون الوضع الصديق هكذا، فلماذا الإنتخابات؟

هيَّا إلى التمديد الذي من حسناته أنَّه يتيح لوزير الداخلية نهاد المشنوق أنْ يرتاح من إزعاج رنين هواتفه، سواء الرقم الخاص أو الأرقام المعروفة، فيضعها كلُّها في خانة واحدة ولا يجيب عن أية مكالمة، أما مَن يزعل من المتصلين فلديه سنة ليعود عن زعله، أما لماذا سنة؟

فلأن التمديد الثالث، وقد لا يكون الثابت، سيمتد سنة أي إلى حزيران 2018.

وللبحث صلة.